(ولا تقبروني إن قبري محرم ... عليكم ولكن أبشري أم عامر)
(إذا احتملت رأسي وفي الرأس أكثري ... وغودر عند الملتقي ثم سائري)
فعني كل شاعر بلفظ سائر ما بقي من جثمانه بعد إبانة رأسه وقد اشتملت
ــ
لأنه لم يتقدم للنطق ذكر، وإنما جاز هذا لأنه جعل سائرًا بمعنى الأكثر والأعظم فكأنه قال: وأكثر نطقنا إلى آخره، وإذا كان أكثره هذا علم أن أقله بخلافه، فهذا كلام محمول على المعنى اهـ. (وإنما نذب إلى التأدب بذلك لأن الإكثار من المطعم والمشرب منبأة عن النهم) المراد بكونه منبأة أنه يدل عليه كما يقال: الولد مبخلة مجبنة، وسيأتي تحقيقه، والنهم الحرص على المطعم والمشرب، وهذا وجه وجيه، وفيه وجه آخر وهو أن قعر الإناء لا يخلو من قذى كدر فتركه أبعد من الكدر كما قيل:
(العمر كالكأس تستحلى أوائله ... لكنه ربما مجت أواخره)
(ما جاء في حديث "أم زرع" عن التي ذمت زوجها: فقالت إن أكل لف وإن شرب اشتف إلى آخره) يستأصلها بمعنى يفنيها، وأصله أخذ الشيء بأصله ثم كنى به عن أخذ الجميع. وحديث "أم زرع" حديث صحيح مشهور وقد ذكر بطوله في الشمائل [مرويًا] عن "عائشة" ﵂. وفيه أن إحدى عشرة امرأة تعاهدن على أن لا يكتمن شيئًا من أخبار أزواجهن، فقالت كل واحدة منهن ما قالت من مدح أو ذم على ما فصل فيه، فقالت السادسة: زوجي إن أكل لف وإن شرب اشتف وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم [البث]. ورمته بالشر وقلة الشفقة عليها، وأنه إذا رآها عليلة لم يدخل يده في ثوبها ليجسها فيتوجع لما بها كما جرت العادة كذا في
1 / 52