شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية
شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية
জনগুলি
تقرير الحجة في القرآن ببعث الرسل
قال رحمه الله تعالى: [وتقرير الحجة في القرآن بالرسل كثير، كقوله: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء:١٦٥].
وقوله: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء:١٥].
وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ﴾ [طه:١٣٤].
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا﴾ [القصص:٥٩] الآية.
وقوله: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ [الملك:٨].
وقوله: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [الزمر:٧١] الآية.
وقوله: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ﴾ [الأنعام:١٣٠] الآية].
وجه الاستدلال بهذه الآيات واضحة، وهو أنه لو كان الناس يستقلون بعقولهم لإدراك ما يرضي الله ﷿ لما احتجوا بأنهم يحتاجون إلى بعث الرسل، ولما كان بعث الرسل هو الطريق الموصل إلى رضا الله ﷿، ولذلك فإن أول واجب على العباد لا يمكن أن يدركوه بعقولهم، أي: البداية لا يمكن أن تدرك بمجرد العقول، لا تدرك إلا من خلال الرسل الذين بعثهم الله لهداية العباد، لذلك أخبر الله ﷿ أنه لو لم يبعث الرسل لاحتجت الأمم بذلك، قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء:١٥]، وقال: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء:١٦٥]، فلو كان الناس يدركون الواجب ويدركون ما يرضي الله بعقولهم لما قرر الله ﷿ هذه الحجة، وجعلها حجة قائمة لو لم يبعث الله الرسل، فهذا دليل على أن الناس لا يدركون الواجبات بعقولهم، ولا يقررون الدين بعقولهم، ولا يعرفون العقيدة تفصيلًا بعقولهم، ولا يتوصلون إلى ما يرضي الله ﷿ على جهة التشريع بعقولهم؛ فلذلك كان بعث الرسل حجة، والله ﷿ لو لم يبعث رسلًا لما عذّب العباد، ولكان في ذلك احتجاج من الأمم جميعًا فيما يقضيه الله ﷿ بينهم يوم القيامة.
والمقصود بالآية: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ﴾ [الأنعام:١٣٠] هي الآية: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [الأنعام:١٣٠]، هذا هو الظاهر وهذا مقتضى السياق؛ لأن القصد بعث الرسل، ولذلك استنبط بعض أهل العلم من هذه الآية الدلالة على أن الرسل كلهم بعثوا في الإنس، وبعضهم استنبط منها العكس.
1 / 4