مؤلف هذه الرواية شاعر، وبطلها شاعر، وأكثر أشخاصها شعراء، وموضوعها الشعر والأدب، وعبرتها أن النفس الشعرية هي أجمل شيء في العالم، وأبدع صورة رسمتها ريشة المصور الأعظم في لوح الكائنات، وأنها هي التي يهيم بها الهائمون، ويتوله المتولهون، حين يظنون أنهم يعشقون الصور ويستهيمون بمحاسن الوجوه.
لذلك أقدمها هدية إلى الشعراء، فهم رجالها وأبطالها وأصحاب الشأن فيها، ولا أطلب عندهم جزاء عليها أكثر من أن أراهم جميعا في حياتهم الأدبية والاجتماعية سيرانو دي بيرجراك.
أول مايو سنة 1921
مصطفى لطفي المنفلوطي
المقدمة
أطلعني حضرة الصديق الكريم الدكتور محمد عبد السلام الجندي على هذه الرواية التي عربها عن اللغة الفرنسية تعريبا حرفيا، حافظ فيه على الأصل محافظة دقيقة، وطلب إلي أن أهذب عبارتها ليقدمها إلى فرقة تمثيلية تقوم بتمثيلها ففعلت، واستطعت في أثناء ذلك أن أقرأ الرواية قراءة دقيقة، وأن أستشف أغراضها ومغازيها التي أراد المؤلف أن يضمنها إياها، فأعجبني منها الشيء الكثير، وأفضل ما أعجبني منها أنها صورت التضحية تصويرا بديعا، وهي الفضيلة التي أعتقد أنها مصدر جميع الفضائل الإنسانية ونقطة دائرتها، فرأيت أن أحولها من القالب التمثيلي إلى القالب القصصي؛ ليستطيع القارئ أن يراها على صفحات القرطاس كما يستطيع المشاهد أن يراها على مسرح التمثيل.
وقد حافظت على روح الأصل بتمامه، وقيدت نفسي به تقييدا شديدا، فلم أتجوز إلا في حذف بعض جمل لا أهمية لها، وزيادة بعض عبارات اضطرتني إليها ضرورة النقل والتحويل، واتساق الأغراض والمقاصد، بدون إخلال بالأصل أو خروج عن دائرته، فمن قرأ التعريب قرأ الأصل الفرنسي بعينه، إلا ما كان من الفرق بين بلاغة القلمين ومقدرة الكاتبين، وما لا بد من عروضه على كل منقول من لغة إلى أخرى، وخاصة إذا قيد المعرب نفسه، وحبس قلمه عن التصرف والافتنان.
مصطفى لطفي المنفلوطي
أشخاص الرواية
سيرانو دي بيرجراك
অজানা পৃষ্ঠা