সুদানে তরবারি এবং আগুন

সালাতিন বাশা d. 1351 AH
176

সুদানে তরবারি এবং আগুন

السيف والنار في السودان

জনগুলি

هل تدرك كل دولة أنه من غير اللائق أن تتدخل في شئون مصر وحقوقها المشروعة؟

تلك أسئلة تدخل في دائرة السياستين العملية والتدريبية، وقد لا يكون من عملي البحث فيها ومناقشتها والإفصاح عن غوامضها.

إن كل ما أرمي إليه هو الإفصاح بآرائي المجردة عن الهوى، والتي يدفعني إلى تقريرها وازع من ضميري يذكرني دائما بأهمية وفائدة وقيمة السودان لمصر. وإني أصرح بمناصرتي لذلك الرأي ودفاعي عنه بكل ما لي من قوة.

إن الأسباب التي دفعت محمد علي إلى امتلاك السودان منذ ثلاثة أرباع قرن (نذكر القارئ المصري بأن سلاطين باشا كتب مؤلفه الذي نترجمه في عام 1895) كانت ولا تزال وستبقى وجيهة جدا، ويكفي تلخيص ذلك في أن النيل حياة مصر.

فالواجب إذن قائم في حفظ وادي النيل من أي اعتداء؛ وإذن يجب على المسئولين أن ينظروا بعين اليقظة والحذر إلى أي تقدم من جانب دولة أو دول أجنبية إلى طريق النيل العظيم؛ لأن الأمر الذي لا ريبة فيه ولا جدال هو أن إنشاء مستعمرات على شواطئ النيل أمر عظيم الخطورة؛ لأن الدولة المستعمرة في تلك الناحية قد تغلب مصالحها الشخصية ومطامعها الجديدة على مصالح مصر وسعادة المصريين وتقدمهم ورخائهم.

أذكر من الصفحات الأخيرة من كتابي في الفصل الأخير أني أشرت في مواضع متفرقة من مؤلفي إلى الأهمية العظمى التي لبحر الغزال، وقد لا يكون من التكرار ذكر ما لذلك الإقليم السوداني العظيم من أهمية، وما له من شأن بالنسبة للسودان على وجه عام.

إن ذلك الإقليم (بحر الغزال) أخصب أقاليم السودان، ومساحته في مجموعها من أكبر المساحات المنتجة. وأعظم ما يمتاز به بحر الغزال أنه يستمد ماء ريه من مجموعة جداول ومجار مائية، على أنه في كثير من نواحيه مغطى بالجبال والغابات التي تأوي إليها الأفيال. أما الوديان الواطئة فخاضعة لحكم الفيضان.

إن خصوبة تربة بحر الغزال تعد من الخيرات النادرة في السودان، فمن السهل الحصول منها على كميات كبرى من القطن والمطاط. هذا إلى كثرة ما في البلاد من أغنام وماشية.

أما عدد السكان، فأستطيع تقديره بما يتراوح بين خمسة وستة ملايين عدا، والكثيرون من أولئك يصلحون لحمل السلاح، إلا أن العداوات المستمرة بين رجال القبائل المختلفة تحول دون أي اتفاق عام بين السكان، وذلك أكبر مساعد للدولة الأجنبية على التقدم للإقليم الكبير المذكور، والحصول على نفوذ ظاهر فيه، وإنشاء قوة حربية داخلية فيه منحازة إلى جانب تلك الدولة. فمن السهل بطبيعة الحال اتحاد قوة موالية في منطقة عرفت باشتداد الشحناء بين أفرادها وتنافر رجال قبائلها المختلفين.

كل ذلك مما يغري القوة الأجنبية إلى التقدم، ولكني أعود فأذكر التقدم المجرد عن الهوى، وعساني أكون مغاليا في توقع مثل ذلك العمل من أية دولة لا ترمي لغير شيء واحد هو مد نفوذها وتوسيع سلطانها.

অজানা পৃষ্ঠা