قلت : أخرج البخاري في كتاب التفسير باب تفسير سورة الإسراء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : فيأتون آدم فيقولون : أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ...إلخ (1) . فذكر الحديث أن الناس يأتون إلى آدم ويقولون له بأن الله خلقك بيده ونفخ فيك من روحه مع قوله تعالى : (( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي )) [ الحجر : 29 ] ؛ فهل هذا اختصاص لآدم حقيقة مع أن الله قال في مريم (ع) : (( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا )) [ الأنبياء : 91 ] وعلى هذا نقول : كيف سألوا آدم عليه السلام وخصوه بشئ موجود لدى غيره كمريم عليها السلام .
فإذا عرفت أن المراد بقوله تعالى : (( لما خلقت بيدي )) [ ص : 75 ] أي بقدرتي أي لمصنوع ومخلوق من مخلوقاتي ، وليس المراد الاختصاص بدليل أن الناس سألوا آدم الشفاعة وذكروا له شيئا موجودا لدى غيره الذي هو نفخ الروح ؛ إذ أن الله نفخ في مريم ، وإلا فيلزم أن يكون آدم (ع) أفضل من نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنه لم يخلقه الله بيده ، والأمة مجمعة على أن محمدا عليه وآله أفضل الصلاة والسلام أفضل الأنبياء.
ومما يدل على عدم اختصاص آدم وعدم كون اليد حقيقة قوله تعالى : (( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون )) [ يس : 71 ] ؛ فالآية صريحة في أن الله خلق الأنعام بيده أي بقدرته ، والأيدي هنا جمع يد .
قال المخالف : لما كان لآدم فضل على إبليس.
قلت : لم يأمر الله الملائكة وابليس ان يسجدوا لآدم لأن آدم مفضل عليهم وذلك لأن سجودهم لآدم عليه السلام ليس شكرا لنعمة قدمها آدم عليه السلام لهم بحيث يستوجب شكره ، حتى ولو كان آدم أفضل منهم من ناحية الخلق فأن الموجد لذلك الخلق هو الله .
পৃষ্ঠা ১৮