9
وجفان
10
كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور * فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين (سورة سبأ: من آية 12-14).
أرأيت هذا الإجمال السريع لما سخره الله سبحانه وتعالى لسليمان، ثم النقلة الغريبة العجيبة المعجزة، هذه النقلة الإلهية؟ إن هذا الذي سخرنا له الريح والجن لا يستطيعون أن يعصوا له أمرا أو يذوقوا عذاب السعير؛ هذا الرجل جميعه ليس إلا إنسانا يقضي عليه بالموت رب العالمين، كما يقضي بالموت على جميع الناس. إنه مع كل هذا الذي سخر له ليس إلا بشرا عاش، فلا بد أن يموت؛ ولذا فلا بد أن ينتهي.
يموت نعم، ولكن موته معجزة، لقد اتكأ على منسأته، فلم يتصور الجن أنه مات، فظلوا على ولائهم له، يسعون ويروحون ويجيئون في أداء ما كلفهم به من مهام، لا يجرؤ واحد منهم أن يقترب منه، أو يسأله شيئا. ظانين أنه في سنة من النوم حتى أكلت دابة من الأرض منسأته، فلما خر تبينت الجن أنه مات.
سبحان رب العالمين، فالجن إذن لا يعرفون الغيب. أليس هذا ما تقوله الآية؟ إنها إذن مخلوقات هزيلة هينة ضعيفة، لا تعرف إلا ما يشاء الله لها أن تعرف؛ فهي تسعى في خدمة الملك الميت، في رهبة خائفة هالعة من عذاب رب العالمين، إن هي خرجت عن أوامره، وهي لا تستطيع أن تعرف موته إلا حين تأكل دابة الأرض منسأته، فلتخجل إذن هذه المخلوقات التي تدعي علما، وهي لا تعلم شيئا. لم تقل الآيات شيئا من هذا في صريح نصها، وتلك هي المعجزة في عرضها.
وهناك شيء آخر لا شك أنك أدركته، سليمان هذا النبي الذي آتاه الله كل هذه النعم .. سليمان الذي سخرت له الرياح سوانح السماء، وسخر له الجن، تجعله الدابة التي لا ترى يخر؛ فعند الذات الإلهية العظمى يظل البشر مهما يعظم شأنهم بشرا لا يزالون، وسبحان رب العالمين!
الإعجاز في قصة مريم
الحوار من أهم أدوات القصاص. وكل كاتب مهما يكن شأنه يستطيع أن يصنع حوارا، ولكن الكاتب المتمكن وحده هو الذي يجعل الحوار يموج بالحياة. والكاتب المتمكن للقصة هو الذي يعرف أين يضع الحوار، فلا يورده حين يجمل أن يكون العرض سردا وضعيا، أو سردا كحوادث. والدخول إلى الحوار ليس ميسورا لكل كاتب؛ فالكاتب القادر وحده هو الذي يجعلك تنتقل إلى الجزء الحواري من روايته، دون أن تشعر أن هناك نقلة قد حدثت من السرد الروائي إلى السرد الحواري. والحوار صعب صعوبة بالغة من وجهة نظر أخرى؛ إذ لا بد أن تكون كل جملة حوار تطورا جديدا للحدث أو للشخصية أو للرواية جميعا.
অজানা পৃষ্ঠা