ما أريد بمقالتي هذه أن أرثي فقيد مصر الغالي. فذلك ما استودعته سجية الشعر. ولتأتين الرواة غداة قصيدة كمذنب هلي، تستعاد ثم تستعاد إلى أن يمل الناس القريض، فلينتظرها ملوك الكلام. إن بها لمواضع للسجود. وهذا كلام تعجلته نفس غلى مرجلها واشتد وقودها. بلى هذه شقشقة هدرت. ولا أدري متى تستقر.
بني مصر هذا كلام تتناقله الصحف غدا في أقطار الأرض. حيث ينطق ناطق بالضاد. هو حجتي عليكم فانظروا ما أنتم فاعلون. إلا تريدوا الإنصاف ترغموا عليه، وفي الحكومة بأس وعدل يستوقفان العدوان. فسيروا خير لكم من أن تساقوا، ولا تحسبوا أن أعقلكم أكثركم كلاما.
اليوم عدمت حكومتكم وزيرا عاقلا ولي الرئاسة، وثكلت مصر خير وطني أظل نظارتها. ويقول ذو اليد التي أشلها الله إنه خدم الوطن وخلص الوطن، ولا يدري أنه أجهز على الوطن.
بني مصر إن لم يمت فقيد مصر بيد قاتله، فما هو إلا ميت كما سنموت. غدا تخفف الأيام عظم مصابه حتى عن قلوب ذويه. أما عار قتله فقد سجلته عليكم تسجيلا.
عجبا للفتى منا يخطر خطرات العروس ليلة زفافها. يرى إلى الدجاجة وهي تضطرب مذبوحة فترتعد لها فرائصه، ثم هو يطاوع غروره وينقاد لغوايات قوم فيقتل الوزير في دار الحكومة. وما جنى عليه الوزير ولا جنت الحكومة، ولكن نفسه أحبت الجناية. خرجت من مصر وفتيانها كآرام الصريمة في غير نفار ورجعت إليها، وكم من فتيانها من الذئاب. ما هكذا كان العهد بأبناء النيل. أورقة تطبع كل يوم ليلف بها الزيتون والجبن، تنسيهم القانون وتشط بهم عن مهيع السداد؟ واخجلتاه!
ماذا جنى هذا الفقيد المظلوم؟! صاح أكثرهم مذكرا بحادث دنشواي، وتشدق آخرون باتفاق إنكلترا ومصر على السودان، وشكا غيرهم من قانون المطبوعات. وهل كان لهذا الوزير هذا القدر من التفرد بالإرادة والخيار في الفعل؟ ومن أهاج أهل دنشواي ومن أتى بقانون المطبوعات؟ سائلوا تلك الجرائد التي تود أن توقع البلد في الهلاك عسى أن توافيكم بجواب سديد.
الأقباط هم أولو مصر قبل كل مصري. ما زال الجور يتصيدهم حتى قلوا عددا ووفرتم، وخسروا وكسبتم، ثم من الله بعدله فقالوا: نحن إخوان أفلا تريدون أن تكونوا لهم إخوانا؟ فما لهذه البراثن إذن داميات؟
دعوا هذه الأضاليل وميلوا على إخوانكم ميل ود وصفاء، وقفوا أمام الحكومة العادلة التي تشتمونها كل يوم ألف مرة، وتحنو عليكم كل شارقة ألف مرة، قولوا لها: أيتها الحكومة نحن واثقون بعدلك. قفي بنا عند حد الرضاء. وذروا تلك الصحف تموت وبأفواهها لجم من العجز تلوكها إلى حين.
سلام عليك أيها الوزير الغالي في جدثك، وعزاء لمصر على فقدك الأليم ولتهدأ قلوب أمتك الجليلة. ثم قلوب لا تخفر لكم ذمة وأقلام هي سيوف الحق. والحق لا تنهزم أنصاره.
الشقاق
অজানা পৃষ্ঠা