بعد بضعة أشهر لم تكد تستقر في دست حكمها حتى عمدت إلى تعديل قانون المطبوعات الجديد، مرجعة إليه كثيرا من القيود والأحكام الصارمة، ولا سيما ما اختص بالتعطيل الإداري، فشرعت قانون التعديل لقانون المطبوعات رقم 33 لسنة 1934، ولكن حسنة واحدة قد تضمنها هذا التشريع المستحدث في «مادته العاشرة» وهي: ليس للحكومة أن تعطل صحيفة سياسية حزبية معلن فيها أنها لسان حزب سياسي مجاز قانونا إلا بحكم المحكمة.
وأهم الانتقادات الموجهة إلى «قانون المطبوعات» النافذة في الفترة التي نتحدث عنها:
أولا:
أخذه بنظام الإجازة بإصدار الجريدة أو المجلة أو النشرة، وهذا الفرض لا وجود له في البلاد الراسخة في نظمها الديمقراطية؛ إذ يمكن الحكومة من التحكم في الأمر، فلا تمنح إجازة لشخص أو جماعة أو هيئة تخالفها في الرأي السياسي أو الفكرة أو العقيدة، أو تشكك في مخالفتهم لها، وهذا يعني أن الحكومة تسد الطريق في وجه المعارضين لها، وهو تعسف يناقض مبدأ المساواة بين أفراد الشعب أمام القانون الذي نص عليه دستور البلاد أو «قانونها الأساسي».
ثانيا:
عرض قانون الصحف والمجلات والنشرات للإنذار والتعطيل والإلغاء الإداري، وفي هذا ما فيه من التشديد والإرهاب، ولا سيما أن المشرع لم يوكل تعطيل المطبوع جريدة كانت أو مجلة أو نشرة إلى القضاء ليكون الحكم أو التدبير قضائيا، بل جعله بيد وزير الداخلية أو مجلس الوزراء؛ أي بيد السلطة التنفيذية (الإدارة)، ولا يطمأن دائما وفي جميع الأحوال على عدالة تصرفات الوزارة الإدارية وسلامتها من النزوات الشخصية والدوافع الحزبية، كما أن هذه الصلاحيات الواسعة المعطاة للإدارة في تعطيل الصحف وإلغائها لأسباب تبررها السلطة الإدارية نفسها، تجعل الصحافة عرضة في كل وقت لأن تعطل الصحيفة أو تلغى لمجرد انتقاد الحكومة أو الدعوى لفكرة أو رأي لا يروقها، وهذه الحالة تنافي الحرية الكاملة المفروض توافرها في الجو الصحافي، لتستطيع الصحف أن تؤدي واجباتها على الوجه الأكمل.
ثالثا:
جعل القانون الصحف والمجلات والنشرات الدورية معرضة للمصادرة بأمر وزير الداخلية، وليس بقرار من المحكمة؛ أي السلطة القضائية.
وهذا سيف آخر مسلط على رقبة الصحافة يكفل للحكومة أن تقضي على أية جريدة أو مجلة أو نشرة دورية قبل ظهورها أمام أعين القراء، ولو نيط أمر المصادرة بالقضاء لهان الأمر بعض الشيء.
رابعا:
অজানা পৃষ্ঠা