هذه فقرة تبين أسلوب الجريدة في التفكير والتعبير:
عاشت «العالم العربي» سنين وتجلى فيها نشاط صحفي، وعرفت مقالات «ريبورتاج» لمحررها كتبت بتفنن ولباقة، فإذا ما أرادت أن تنتقد أفرغت انتقادها في قالب غير مثير لشواعر الحاكمين، كما عنيت بترجمة ونقل معظم ما نشر عن العراق في الصحافة الأجنبية، وفي المؤسسات الدولية، وظلت تتمتع بهذه الميزات حتى برزت صحف أخرى حوت ألوانا من التجديد الفني.
ومما يسجل لهذه الجريدة دفاعها عن حق العرب في فلسطين ومكافحتها للصهيونية بلهجة لا هوادة فيها تكبدت في سبيلها تضحيات مادية. •••
ومن الجرائد التي أيدت المعاهدة وطالبت بإبرامها صحيفة «المفيد» التي ذكرتها في محاضرة سابقة. وقد تطرف صاحبها في اندفاعه في تأييد المعاهدة إلى درجة أنه علق يوما على خطاب الدكتور داود الجلبي عضو المجلس التأسيسي في معارضة المعاهدة، علق مذكرا الناس بحوادث الشام المؤلمة التي كان العناد والاندفاع الوطني من عوامل وقوع تلك المأساة وضياع العرش العربي على ضفاف بردي.
ولا بد من القول أن هذا الصحافي «إبراهيم حلمي العمر» لم يكن ممن بكوا العرش المحطم في حينه.
جريدة الشعب
إن معارضة الصحف للمعاهدة إلى جانب خطب بعض النواب في المجلس خلق جوا من الصخب في المجتمع على المعاهدة، فهاجت بغداد وماجت، ونزل إلى الميدان الصحفي محمد عبد الحسين أحمد صحافي «الثورة العراقية سنة 1920» كما مر بنا، فأصدر في 10 نيسان (أبريل) سنة 1924 جريدة باسم «الشعب» أوقفها على مناقشة المعاهدة والدفاع عن وجهة نظر المعارضين لها، وكانت شديدة الوطأة في مقالاتها وبحوثها السياسية.
وتفاقمت حركة المعارضة واشتد التوتر السياسي. وقد أراد المعارضون الضغط على «المجلس التأسيسي» ليرفض المعاهدة، وتوالى عقد الاجتماعات العامة التي تلقى فيها الخطب الحماسية ويثار الشعور الوطني حتى أفضى الأمر إلى أن تصدى شخص متطرف لإطلاق النار على شيخين من شيوخ القبائل وعضوي المجلس التأسيسي هما عداي الجربان وسلمان البراك. وقد ظهر منهما تأييد قوي للمعاهدة، فكان للحادث دويه، فهبت الحكومة لقمع الحركة، فاعتقلت بعض المحامين الذين عقدوا اجتماعا سياسيا عاما للحملة على المعاهدة، وعطلت جريدتي «الشعب» و«الاستقلال» للهجتهما الصارخة في نقد المعاهدة واعتقلت صاحبيهما.
ولما اشتد الأخذ والرد في المجلس التأسيسي حول المعاهدة وتباطأ المجلس بعض الشيء في البت فيها، خرجت جريدة «بغداد تايمس» التي يصدرها الإنكليز في بغداد عن حدود الرزانة، فكتبت مقالا شديدا في الموضوع، ونقلت في عين العدد مقالا في هذا الباب عن «التايمس» اللندنية، ويحسن بنا أن نثبت ترجمة المقالين ونحن نؤرخ لصحافة العراق وسياستها في هذا الطور:
كلام «بغداد تايمس»
অজানা পৃষ্ঠা