عندما تعرض لاشتغالها في جريدة «العرب»:
كانت رغبتها في أن تعطى هذه الجريدة صبغة محلية أكثر باستخدامها مراسلين لها في الأقاليم، ومحررا يكتب الأخبار المحلية، وشعرت بحق أن الجمهور الذي أصدرت له الصحيفة، وبإثارة اهتمامه فقط تستطيع الجريدة أن تؤدي خدمة مفيدة، هذا الجمهور يحس بأن الحرب في أوروبا تبعد عنه كثيرا كبعد القمر، وأن فهمه لهذه الحرب صعب كصعوبة فهم القمر، وأن هؤلاء الناس يهمهم أن يسمعوا أن فلانا ابن فلان قد وقع في قبضة العدالة، وأنه غرم لتجوله بعد أن أسدل الظلام ستوره من غير أن يحمل مصباحا، يهمهم هذا أكثر من سماعهم أن قرية في الفلاندر قصفت من الجو؛ لهذا ارتأت الخاتون أن الأخبار المحلية مهما ضؤل شأنها فمن الضروري أن يتعود العرب منها على قراءة الجريدة؛ ليتسنى إعداد الأهلين لقراءة الجرائد عندما يحين لصحافتهم الوقت في أن تعالج البحوث الحيوية المختصة بمستقبل بلادهم.
ويظهر أن الخاتون تولت إدارة سياسة الجريدة بعد أن تركها فيلبي؛ إذ وجدتها تكاتب أباها في هذا وتصف له كثرة المهام الملقاة على عاتقها وكيف يحمل إليها الأب أنستاس مسودات مقالات «العرب» الرئيسية، فتقضي بعض الوقت في مناقشته في موضوعاتها إلى غيرها من الشئون الصحفية.
برز العدد الأول من «العرب» في 4 تموز (يوليو) سنة 1917 بصفحتين بادئ ذي بدء تنشران بين يوم ويوم، وبعد شهر أصبحت يومية وفي العام الجديد غدت بأربع صفحات يوميا. وقد كتب على صدرها أنها «جريدة سياسة إخبارية تاريخية أدبية عمرانية عربية المبدأ والغرض، ينشئها في بغداد عرب للعرب.» وهذه النزعة تنسجم تماما مع السياسة البريطانية في خلال تلك الحرب، حيث تهدف إلى التقرب إلى العرب وتنفيرهم من الترك، بل إثارتهم عليهم.
وقالت الجريدة في كلمتها الأولى:
إنها ستكون وسيلة لنشر آراء العرب وتعميم علومهم وآدابهم وترقية شئونهم وعمرانهم.
والمعالم البارزة لهذه الجريدة الرسمية لحكومة الاحتلال، غير أخبار الحرب الدائرة والدعوة لقضية الحلفاء وخدمة السياسة البريطانية، أنها أول جريدة حكومية صدرت في بغداد باللغة العربية الصرف، لغتها سليمة فصيحة ونزعتها عربية وصارت تبشر بالفكرة العربية وتذيع في العراقيين فضل البيت الهاشمي رائد النهضة القومية، وقامت بدعاية نشيطة للثورة العربية بزعامة ملك العرب جلالة الحسين بن علي، شريف مكة المكرمة، ولم تكن تغفل النواحي الاجتماعية والتاريخية والأدبية مع نشرها أخبار الحرب ومنها حرب العراق، فضلا عن بلاغات القيادة العامة لجيش الاحتلال الذي يواصل الزحف في الأراضي العراقية، وبيانات الحكومة المحتلة وإعلاناتها للشعب. وقد أخذت في سنتها الثانية تزين صفحتها الأخيرة بصور حربية، إلا أن النقص في الزنكغراف والفن الطباعي كان بادي الأثر في هذه الصور؛ لهذا عنيت فترة من الزمن بنشر ملحق مصور مستقل عنها يطبع على ورق صقيل وبصور واضحة، وكله دعاية حربية وتصوير لمشاهد محلية وأشخاص عراقيين.
وكانت جريدة «العرب» تنشر ملاحق صغيرة نادرا لبعض الأخبار الحربية الخطيرة، ولعل أروع ملحق نشرته لعددها 591 يوم 30 حزيران (يونيو) سنة 1919، وهو متوج بلفظة «الصلح» بحروف ضخمة وتحتها هذه العبارة:
وفي البلاغ الآتي من ديوان الحرب يوم السبت بعد الظهر في 28 حزيران (يونيو) وهو مؤرخ في ذلك اليوم:
وقع على الصلح اليوم في الساعة الرابعة زوالية بعد الظهر.
অজানা পৃষ্ঠা