أما جمهور الزيدية فقد اتسم موقفهم بالوسطية بين هذا وذاك، فهم يرون أن الإمام عليا كان أحق وأولى بالخلافة من غيره لاعتبارات شتى، ومؤهلات كثيرة، كسبقه إلى الإسلام وبلائه في الجهاد بلاءا حسنا، وقربه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتميزه بصفات القائد الناجح، كالشجاعة والإقدام، وسعة العلم، وحسن التدبير، إلى جانب ما ورد في حقه من نصوص تصف مكانته وفضله، ويمكن أن يستنتج منها أنه الأولى بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. غير أنهم يرون أن دلالة تلك النصوص خفية، حيث جاءت بالوصف دون التسمية، وعلى هذا لم تكن واضحة في التنصيص على تعينه خليفة، بحيث تفهم بتلقائية تتبادر إلى ذهن كل مكلف، كما هو الحال في التكاليف الشرعية القطعية، مثل: الصلاة والزكاة ونحوها، ولكنها مما يحتاج إلى نظر واستدلال. ووافقهم على ذلك بعض محققي الإمامية. وفي ذلك قال العلامة علي بن الحسين الزيدي (ق5ه) في (المحيط بالإمامة)(1): «وذهبت الزيدية إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص على علي عليه السلام نصا لم يعلم السامعون منه مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة ولا من بعدهم، وإنما يعرف مراده بالاستدلال، وذلك كخبر (الغدير)، وخبر (المنزلة)». ولعلماء الزيدية المتقدمين منهم والمتأخرين نصوص كثيرة تؤكد هذا المعنى، يمكن القارئ الرجوع إلى طرف منها في كتابي: (الإمامة عند الزيدية).
পৃষ্ঠা ৩৮