والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن الجمل المعطوف بعضها على بعض تجري مجرى جملة واحدة، فكما أنه لا يجوز رجوعه إلى بعض الجملة الواحدة دون بعض، فكذلك لا يجزي رجوعه إلى بعض الجمل المعطوف بعضها على بعض دون بعض.
أما أنها تجري مجرى جملة واحدة، فلأن القائل إذا قال: جاءني زيد وزيد وزيد، جرى مجرى قوله: جاءني الزيدون.
وأما أنه لا يجوز رجوعه إلى بعض الجملة الواحدة دون بعض: فلأنه إذا قال لغلامه: أدخل بني تميم إلا أصحاب الثياب البيض، فإن هذا الإستثناء يرجع إلى جميع بني تميم.
ولأن الإستثناء بمشيئة الله سبحانه يرجع إلى الجميع بالإجماع: كذلك هذا لأن تعليقه بمشيئة الله لا تغير فائدته فلو كان يرجع إلى البعض لرجع إليه مع الإستثناء بمشيئة الله تعالى، ومعلوم خلافه.
ومثاله: أن يقول الواحد منا لغيره: إني أصحبك في السفر، واتحمل منك مؤنة الزاد والركاب، واشتري لك ثوبا وخادما إن شاء الله، فإن هذا الإستثناء يرجع إلى جميع ما تقدم من الجمل.
ولأن الجمل التي يتعقبها الشرط يجب رجوعه إلى جميعها بالإتفاق: كما إذا قال لوكيله: طلقها ثلاثا، ووفها مهرها، واستبرئها من نفقة العدة إن دخلت الدار، فإن هذا الشرط يرجع إلى جميع ما تقدم بالإتفاق، فكذلك الإستثناء المطلق؛ لأنه قد شاركه في أن كل واحد منهما يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته، وفي أن كل واحد منهما لا يفيد بنفسه وإنما يفيد بانضمامه إلى غيره.
পৃষ্ঠা ৭৯