فصل: [الكلام في النهي لماذا كان نهيا]
واعلم أن الخلاف في النهي لماذا كان نهيا، كالخلاف في الأمر لماذا كان أمرا.
فعند أبي القاسم أنه كان نهيا لذاته.
وعند كثير من المعتزلة البصريين أنه إنما كان نهيا؛ لأن الناهي كره المنهي عنه.
والمجبرة تخالف في ذلك وتقول بأنه إنما كان نهيا لأن الناهي أراد أن يكون نهيا.
وعندنا أنه لا حكم له لكونه نهيا، فيحتاج إلى التعليل بشيء مما ذكرناه كما قدمناه.
مسألة: [في أن النهي حقيقة في القول دون الفعل]
لا خلاف بين العلماء أن النهي حقيقة في القول دون الفعل.
والذي يدل على ذلك: أن لفظة النهي إذا أطلقت لم يسبق إلى فهم السامعين إلا القول، وذلك أمارة الحقيقة كما قدمنا.
مسألة:[الكلام في النهي المطلق والمقيد هل يقتضي تكرار
الإنتهاء أم لا؟]
لا خلاف بين العلماء أن النهي المطلق يقتضي وجوب الإنتهاء وتكراره، ولا خلاف بينهم أيضا أن النهي المقيد بالصفة يقتضي وجوب الإنتهاء، وإنما الخلاف في أنه هل يقتضي تكرار الإنتهاء أم لا؟
فعند أكثر العلماء أنه يقتضي ذلك.
وعند الشيخ أبي عبدالله البصري أنه لا يقتضي التكرار، بل إنما يقتضي الإنتهاء مرة واحدة، وهو الذي اختاره الحاكم، والأول هو الذي نختاره.
وجهه: أن النهي المطلق يقتضي تكرار الإنتهاء وتقييده بالصفة لا يغير مقتضاه، فوجب تكراره.
أما أن النهي المطلق يقتضي وجوب الإنتهاء وتكراره فالقول فيه واحد.
وأما أن تعليقه بالصفة لا يغير مقتضاه؛ فلأنه لا فرق عند أهل اللغة بين قول القائل لعبده: لا تشتر اللحم، وبين قوله: لا تشتر اللحم الهزيل، في أنه يجب تكرار الإنتهاء في الحالتين جميعا.
পৃষ্ঠা ৬৩