সাফওয়াত আল-আসর

জাকি ফাহমি d. 1350 AH
153

সাফওয়াত আল-আসর

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

জনগুলি

ومضى في منصبه ذاك حتى عام 1907م يصلح ذات بين القوم، ويرد الحزازات والضغائن حتى كان من أثر ذلك أن انفرط خمسة عشر عاما لم ترفع فيها قضية واحدة لأحد من الأهالي إلى محكمة من المحاكم، لا بينه وبين آخر من أهل البلد نفسه، ولا بينه وبين الغير، وأخذ ينشر الأمن في بلده والتحاب والتواصل بين أهليه، وكان من ذلك أن ديون الأهالي سددت واستخلصت أراضيهم من قيود الرهون، وحسنت حالهم ونمت ثروتهم، وابتاعوا من أرض البلدان الأخرى المجاورة، وبلغت الثقة بينهم إلى حد أن الرجل منهم إذا احتاج إلى مال قليل أو كثير اقترضه من إخوانه بدون سند أو إيصال أو شهود، وذلك بفضل روح التضامن والائتلاف والتضافر الذي حل بينهم حتى أضحوا جميعا يدا واحدة.

وعند إنشاء لجنة الشياخات وتأديب العمد والمشايخ منذ نيف وعشرين عاما، انتخب صاحب الترجمة عضوا نائبا عن مركز فوه في لجنة الشياخات بإجماع الآراء، وإن كان أحدث العمد سنا، فكان له في هذه اللجنة مواقف مشهورة حيال مديري هذه المديرية، وكانوا هم أصحاب النفوذ والسيطرة على هذه اللجنة التي كانوا بطبيعة الحال يرأسونها، وكان هو الرجل الفذ الذي كان يخالف أميال المديرين وأهوائهم ونزعاتهم، غير مبال بسخطهم ولا حافل بغضبهم.

وبقي بهذه اللجنة حتى نهاية سنة 1901م وكان يعاد انتخابه في كل عام بإجماع الآراء، كما انتخب في سنة 1899م في لجنة تعديل الضرائب بمركز فوه، ونهض فيها بواجبه حتى إن الضرائب المقررة على مركز فوه كانت أخف بكثير من سائر الضرائب المقررة على بلاد القطر، ولا يغيب عنك ما لاقى من المشاق وعانى من الصعوبات في سبيل المحافظة على الصدق والأمانة في هذا التعديل.

وفي سنة 1902م انتخب عضوا لمجلس مديرية الغربية، فلم يستطع أن يظهر مواهبه وكفاءته إذ كانت مجالس المديريات ضيقة الدائرة، لا تنعقد إلا مرة واحدة في كل عام للتصديق على ما تقرره وزارة الأشغال، وبقي عمدة إلى أوائل سنة 1908م، إذ انتخب عضوا لمجلس شورى القوانين، وإذ ذاك جالت مواهبه العالية جولاتها وتجلت كفاءته الشخصية في أبهى مظاهرها، ولا جرم أن تكون كفاءة صاحب الترجمة في مجلس الشورى غيرها في مجلس المديرية، فليس من يقف مدافعا عن حق فئة قليلة كمن يقف في جماعة ناصحا عن حقوق الأمة جمعاء، ولعل الناس لم ينسوا بعد ما كان له من مواقف مشهورة، ومواطن مأثورة، مما لا يتسع المقام لذكرها الآن.

وظل في مجلس الشورى حتى انفض في سنة 1911، وجاءت بعده الجمعية التشريعية، فانتخب عضوا بها عن مركزي فوه ودسوق وبعض بلدان من مركز كفر الزيات، فأبدى من ضروب الاقتراحات الهامة، والمشروعات النافعة لدائرته ما أطلق الألسنة بالثناء عليه، والإعجاب بهذه الروح العالية والنفس الكريمة والوطنية الصادقة.

دخوله عضوا في الوفد المصري

ولما تبين لحضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل سعد باشا زغلول رئيس الوفد المصري، وهو ابن شقيقة حضرة صاحب الترجمة، شديد إخلاصه وغيرته الوطنية ومواقفه المشهورة وحميته العالية، فقد أدخله ضمن أعضاء هيئة الوفد المصري، فعمل فيه أعمالا وطنية صادقة تخلد له بقلم الفخر والإعجاب أبد الدهر، وقد ناله من جراء هذا الإخلاص أن نفي إلى جبل طارق وسيشل مع الرئيس الجليل سعد باشا زغلول، وظل يقاسي وصحبه المخلصون آلام النفي والغربة مدة سنتين، ولم يعد للوطن العزيز إلا بعد عودة دولة الرئيس من منفاه، غير أن الشعب المصري على بكرة أبيه عرف قيمة هذه التضحية الغالية، التي ضحاها صاحب الترجمة في سبيل خدمة الوطن المفدى فقدرها قدرها، وظل عاملا مع حضرات زملائه أعضاء الوفد المصري تحت إشراف صاحب الدولة الرئيس الجليل سعد زغلول باشا بكل أمانة وإخلاص.

دخوله وزيرا في الوزارة السعدية

وعندما تشكلت الوزارة السعدية في 28 يناير سنة 1924م برياسة حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل سعد باشا زغلول، اختار حضرة صاحب الترجمة لأن يكون وزيرا لوزارة الزراعة؛ لما له من الخبرة الواسعة في هذه الشؤون، فأبدى من ضروب الإصلاحات الشيء الكثير، ولم يمض عليه زمن طويل في هذه الوزارة حتى اختير لأن يكون وزيرا للداخلية، وهي كما لا يخفى أكبر وزارات الحكومة مسئولية وعملا، فأحسن إدارتها.

وعندما استقالت الوزارة السعدية في 24 نوفمبر من العام المذكور ظل صاحب الترجمة محتفظا بمركزه في هيئة الوفد المصري، يعمل إلى ما فيه صالح الوطن وفائدة مواطنيه الكرام إلى أن أعيدت الانتخابات البرلمانية للمرة الثانية، فرشح نفسه لأن يكون عضوا برلمانيا عن دائرة فوه غربية.

অজানা পৃষ্ঠা