فلا خيرَ في ود! ِّ امرئٍ متلونٍ ... إذا الريحُ مالتْ مالَ حيثُ بخيلُ
جواد إذا استغنيتَ عنهُ بمالهِ ... وعندَ نزولِ النائباتِ بخيلُ
وما أكثرَ الأخوانَ حينَ تعدُّهم ... ولكنهم في النائيات قليلُ
قيل إن أبا دلف العجلي أقام ببابه أعرابيٌ شهرًا يستمحنه، فلم يصله بشيء، فكتب إليه: [الكامل]
ماذا أقولُ إذا سئلتُ وقيلَ لي ... ماذا لقيتَ منَ الجوادِ المفضلِ
إن قلتُ أعطاني كذبتُ وإن أقلْ ... بخلَ الجوادُ بمالهِ لمْ يجملِ
فاختر لنفسكَ كيفَ شئتَ فإنني ... لابدَّ مخيرهُم وإنَّ لم أسألِ
فنقد إليه بعشرة آلاف درهم: وكتب جوابه: [الكامل]
أعجلتنا فأتاكَ قلُّ عطائنا ... ولو انتظرْتَ أتاكَ غيرُ مقللِ
فخذِ القليلَ وكنْ كأنكَ لم تسلْ ... ونكونُ نحنُ كأننا لم نسألِ
قال عمر بن الخطاب ﵁: من عرض نفسه للتهمة، فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرة في يده، ضع أمر أخيك على أحسنه، حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سواءًا، وأنت تجد له في الخير محملًا، وما كافأت من عصا الله فيك يمثل أن يطيع الله فيه، وعليك بإخوان الصدق، وكن في اكتسابهم فإنهم زين عند الرخاء، وعدة عند البلاء، ولا تهاون بالحلف بالله فيهينك الله تعالى.
روى معاذ بن جبل، قال: قد شهد رسول الله ﷺ إملاك رجل من أصحابه، فقال: "على الألفة، والطائر المأمون وسعة الرزق، بارك الله لكم دففوا على رأسه".
قال: فجيء بدف وجيء بأطباق عليها فاكهة وسكر، فقال النبي ﷺ: "انتهوا"، فقال يا رسول الله: أو لم تنهنا عن النهبة؟ فقال: "إنما نهيتكم عن العساكر، أما العرسات فلا".
قال فجاذبهم النبي عليه الصلاة، والسلام وجاذبوه.
دخل رجل على ابن حاجب النعمان الوزير فاعتذر من إغبابه الزيارة، وترك الملارمة، والتردد إليه، فقال الوزير: يا هذا قلة المصير مع الود في الضمير، خير من كثرة الحضور مع الغل في الصدور. حكي عن بعض أهل البصرة: أنه رأى على باب بعض مدائن البحر القاصية. مكتوبًا: بسم الله الخالق الخلق، وصاحب الرزق.
ما أعجب قصتي، وأعظم محنتي، أقصتني الخطوب، وأقصدتني النكوب، حتى بلغت به هذا الموضع المهوب، ولو كان للبعد غاية استحق من هذا المحل لبلغني إليها، ولم يقنع لي إلا بها، وتحت مكتوب: [المتقارب]
ومنْ شدةٍ لا يموتُ الفتى ... ولكنْ لميقاته يهلكُ
فسبحانَ مالكَ ما في السَّماءِ ... والأرضِ حقّا لا يملكُ
قال بعض الشعراء: قرأت على صخرة بجيزة قبرص، يقول: فلان بن فلان البغدادي، قذف بي الزمان إلى هذا المكان، وتحته: [الطويل]
إلى اللهِ أشكو لاَ إلى النَّاس إنَّهُ ... على كشفِ ما ألقي منَ الهمِّ قادرُ
قال بشر بن الحارث الحافي: أشد الأعمال ثلاثة: الجود مع القلة، والورع في الخلوة، وكلمة حق عند من يخاف، ويرجأ لبعضهم: [الخفيف]
وإذا ما جهلتَ ودَّ صديقٍ ... فاختبرْ ما جهلتَ بالعلمانِ
إنَّ وجهَ الغلامِ يبينكَ عمَّا ... في ضميرِ المولى منَ الكتمانِ
قرئ على لوح قبر. مقيم إلى أن يبعث الله خلقه لقاؤك لا يرجى، وأنت قريب. [الطويل]
تزيدُ بلاءً في كلِّ يومٍ وليلةٍ ... وتنسى كما تبلى وأتتَ حبيبُ
ووجد منقور في جبل اصطخر، رب مغبوط بنعمة هي داؤه، ومرحوم من سقم هو شفاؤه ومحسود على رخاء هو بلاؤه، سمع عمر بن دينار، أعرابيًا يقول: زهدك في راغب نقص، ورغبتك في زاهد ذل نفس قال بعض الشعراء متغزلًا، وهو بالدنيا أليق: [المنسرح]
ما كنتُ أيامَ كنتِ راضيةً ... عنَّي بذاكَ الرِّضا بمغتبطِ
علمًا بأنَّ الرِّضا سيتبعهُ ... منكِ التَّجنِّي وكثرةُ السَّخطِ
فكلَّما ساءني فعنْ خلقٍ ... منكِ ما سرَّني فعنْ غلطِ
لأبي بكر الخالدي: [الكامل]
والبدرُ منثقبٌ بغيمٍ أبيضَ ... هو فيه بينَ تستُّرٍ وتبرُّجِ
كنفسِ الحسناءِ في المرآة إذْ ... كملتْ محاسنها ولم تتزوجِ
وفي معناه لأبي معمر أروي: [البسيط]
يا ربَّ ليلٍ طويلِ الباعِ باعَ لهُ ... جفني الرُّقادَ بدمعي إذا رقرقهُ
1 / 38