وقلت أنا في أسف: وحسين، ماذا يفعل؟
ولكن مراد لم يجبني بل زاد السؤال تعقيدا في نظري، وقال وهو حائر: حسين! من المؤكد أنه يعرف جيدا في أي طريق تسير إقبال ... لكني مع ذلك أشك في أنه يعرف إلى أي مدى تمضي في هذا الطريق ... إنه كما يخيل لي يعتقد أنها تمرح وتلهو فقط ... دون أن تقارف خطيئة ... إنه بالصورة التي حفرتها الأيام لإقبال في خاطره لا يمكن أن يتصورها امرأة خاطئة ... إنه كالأب الذي ربى طفله وليدا صغيرا ... يعز عليه أن يعتقد حين يكبر طفله أنه يصبح قاتلا أو سارقا.
ولكني مع ذلك لم أرض عن هذا التعليل ... ولعل لي الحق أن أتخيل القصة من أولها منذ بداية الفصل الأول لأرى ما يرسمه القدر من مبررات لهذا الختام.
إني فعلا أتخيل القصة الآن ... أتخيل إقبال في السابعة عشرة، وحسين في الخامسة والثلاثين، وهو يعبث ويمرح، أو على حد قوله يستمتع بربيع حياته، وأتخيلهما الآن ... إقبال في الثلاثين، وحسين على أبواب الخمسين ... رجل قد قطف بيديه كل زهور ربيعه واعتصرها، وما ترك على غصن حياته زهرة واحدة منها ... أجل أتخيلها الآن، فأستبعد تعليل الدكتور مراد ... وإنما أجد في اختلاف الفصول ... وتوالي الليل والنهار تعليلا أوضح ... إن أحدهما يعصر أزهار ربيعه، أما الثاني فإنه يلعق أغصان الخريف الجافة باحثا - دون جدوى - عن العصارة.
অজানা পৃষ্ঠা