ويصمت مصطفى لحظة، ثم يقول: كنت على وشك أن أذهب لسعيد لأقص عليه ما حدث لولا خشيتي مما يحل به لو عرف الحقيقة. - ماذا ستصنع إذن؟ - لا شيء، لا أعرف ماذا أصنع؟
أما أنني أبديت رأيا فيما فعله مصطفى فذلك حق، لقد صببت عليه سيلا من اللوم والتقريع ... لم ألمه لأنه أحب سهام ، بل لأنه واعدها على اللقاء.
لكني في قرارة نفسي أحسست أن ما فعله هو قد أفعله أنا، وأن الفخ الذي وقع فيه ... قد يقع فيه أي إنسان.
ولقد صدق إحساسي حين لقيت سعيدا بعد ذلك ... فإذا به يفاجئني برأيه ... لا في مصطفى فقط ... وإنما في ثلاثة غيره من أفراد شلتنا ليس فيهم أنا ولا حمدي ولا محمود.
لقد اعترفت له سهام ... اعترفت بأن عليا، وعبد القادر قد حاولا معها المحاولة نفسها وإن لم يصلا إلى قحة مصطفى ... وكان سعيد مقتنعا بما تقول؛ لأن دموع سهام قد استطاعت أن تنبت في قلبه أقسى الكراهية لهؤلاء الثلاثة.
أما أنا فقد غادرته تلك الليلة لآوي إلى داري مبكرا، ولأجلس إلى مكتبي أتأمل صورتنا ... نحن السبعة.
ومرت أيام ... أيام ثقيلة كالجبال ... لقيت خلالها عبد القادر ومصطفى وبقية الصحاب في أكثر من مكان ... إلا بيت سعيد ... وكان حمدي آخر من لقيت منهم خلال تلك الأيام ... لقيته وأنا في طريقي إلى بيت سعيد، فدعوته للذهاب معي، فإذا به يعتذر في لباقة، فلا أكاد ألح عليه حتى يقول: أوتريدني أن أصدق ما نسب إلى علي وعبد القادر؟ إن ذهابي معناه أن أصدق ما نسب إليهما، وأنا لا أصدق حرفا واحدا منه، إن أضعف الإيمان ألا تطأ قدماي بيت سعيد ...
ومضيت وحدي ... مضيت لأجد نفسي غريبا في بيت غريب حتى سعيد نفسه بدا لي غريبا في حديثه وتفكيره وتصرفاته.
وما استطاعت بسمات سهام ولباقتها ونعومتها أن تزيل وحشتي من هذا الجو الذي لا أعرف فيه إلا وجهها ووجه سعيد.
وكان سعيد فرحا في ذلك اليوم، فقد اشترى حجرة جديدة للمائدة، وكان حديثه كله عما اعتزمه هو وسهام من إعادة تأثيث البيت ... البيت الذي مر على تأثيثه عامان فقط، ومضى يصور ما سوف يبدو عليه بيته حين يعمر بالأثاث الجديد.
অজানা পৃষ্ঠা