ومرت بعد العام بضعة شهور، وذهبنا جميعا ذات يوم إلى السينما ... كانت سهام تجلس بين سعيد وبيني، وإلى جانبي جلس عبد القادر، وإلى جانب سعيد جلس علي، وانتهى الفيلم، نهاية حزينة طوتنا جميعا في صمت خانق، وقلت ممزقا هذا الصمت: ما رأي سهام في الفيلم؟
وأجابت: نهاية فظيعة ... مسكينة البطلة لم تكن تستحق هذا المصير.
ولم أعلق على رأيها، ولكن عليا اندفع كعادته في تبرير نهاية الفليم، لقد انتهى الفيلم بانتحار البطلة، وكانت القصة تدور حول طموحها ورغبتها في أن تصل إلى الجاه والثراء، حتى لقد لفظت في سبيل أطماعها الحب الوحيد الصادق في حياتها.
اندفع علي يقول: ماذا كنت تتوقعين وقد علقت آمالها بأطماع كبيرة لم يكن في مقدورها أن تنالها؟ لقد كانت تعيش حياة هادئة، وكان «جاك» البطل يحبها، وكان سيسعدها حتما، لكنها آثرت أن تلقي بنفسها في تيار المغامرات!
فقالت سهام: هل تعيب عليها رغبتها في حياة أفضل ؟
وأجاب علي: ومن قال إن الحياة الأفضل لا توجد إلا في القصور؟ ألم تترك «جاك» لتذهب مع ذلك المليونير لمجرد أنه غني واسع الثراء؟ تذكري منظرها وهي تدير نظرها في أنحاء قصره مبهورة بما حولها، ولم يمض على موقفها القاسي مع من أحبها غير ساعات ...
وتقاطعه سهام: إنك عاطفي أكثر من اللازم ... إن الذي أحبها هذا كان خاملا، كل ما يملكه حديث الحب.
وكان من الممكن أن يمضي نقاشنا على هذا الوجه لا ثمرة له، نقاش يدور حول قصة سينما ... قصة لم تحدث ... لولا أن عبد القادر نظر إلى سهام قائلا: ماذا كنت تفعلين يا سهام لو كنت مكانها؟
ولم تتردد سهام طويلا، ولم يبد أيضا أنها تمزح، وإن طغى الضحك على صوتها، فقالت: كنت أفعل ما فعلت، لكنني كنت أحتاط للمستقبل، لاحظ أنها لم تنتحر إلا حين ذهبت إلى الشاب الذي أحبها بعد أن طردها المليونير، فطردها هو أيضا بدوره ... أنا ما كنت أدع الأمر يمضي إلى هذا الحد أبدا ...
وإني لأذكر الآن رنين صوتها، وهي تقول هذه الكلمة باستنكار، وإني لأذكر الآن حديثنا، أنا ومصطفى، بعد أن ودعنا سعيدا وسهاما والآخرين، وسرنا وحدنا نثرثر بعد منتصف الليل.
অজানা পৃষ্ঠা