وقدمهم هذا الصديق إليها ... قدم إليها الشاعر قائلا، وهو يضحك: هاك واحدا أقدر مني على وصف جمالك ... ثم قدم إليها الرسام قائلا: إذا أردت صورة تنكرية، فعليك أن تجلسي أمامه بضع ساعات، ثم قدمه هو باسمه مجردا ...
ونظرت إلى الشاعر، وقالت: أيمكن أن يكون في الحياة أجمل من قصيدة رائعة، إنني أعبد الشعر، ثم عطفت على الرسام، وقالت: كانت أمنية حياتي أن أصبح رسامة.
ثم نظرت إليه هو في حنان، وقالت: لا أدري ... ولكن في وجهك شيء أعرفه ... إنك لست غريبا عني.
وانتهت حفلة عيد الميلاد، وخرجوا ثلاثتهم، وساروا على النيل ساعة ونصف ساعة حتى ظهرت خيوط الفجر.
وكان حديث الثلاثة ... عن أفكار.
ولم يمض أسبوع حتى كان الشاعر قد نظم فيها أكثر من قصيدة، وحتى كان الرسام قد بدأ يرسمها ... وحتى كان هو قد ادخر ثمن صندوق فاخر من الحلوى قدمه إليها ...
وما زال الشاعر صديقا لها حتى اليوم، ينظم في كل عيد من أعياد ميلادها قصيدة ... والرسام ... على كل جدار من جدران دارها تجد أثرا من آثاره، وإن كان هو قد هجر مصر، وأقام في أوروبا.
أما هو فما كان يمر شهر إلا ويزورها ليشرب بصحبتها فنجانا من القهوة، ويثرثر معها في شتى الموضوعات ... حتى كثرت شواغله وزادت أعماله فأصبح يراها بين الحين والحين، والصداقة باقية.
هذه هي المقدمة القصيرة للقصة ... وهي قصيرة في حساب الصفحات طويلة في حساب الزمان.
لقد سلخت هذه المقدمة خمسة عشر عاما ... إن لكل مقدمة حواشي وهوامش ... الهامش الوحيد الذي يهم في قصته هو أنه كان لأفكار ابنة ولدتها قبل أن يعرفها هو وأصدقاؤها وعشاقها جميعا، ولم تظهر إلا منذ سنوات قليلة، عندما استقرت أفكار في الفيلا الأنيقة التي بنتها على شاطئ النيل.
অজানা পৃষ্ঠা