সাদ জাগলুল নেতা বিপ্লব
سعد زغلول زعيم الثورة
জনগুলি
لقد كان عدلي ينتظر من الوفد خطابا «مفصلا»، يكشف فيه نياته نحو اللجنة ونحو مستقبل المفاوضة إن كانت هناك مفاوضة. فأي مصلحة وطنية في كشف هذه النيات؟! ولماذا هذا الحرص على تقييد الوفد بخطة مفصلة قبل تعيين موعد السفر؟! ليس في ذلك إلا أنه دليل على بواطن السرائر وعلى الفرق بين مسلك المعاونة الخالصة ومسلك التمسك بالوثائق والقيود كما يتمسك الخصوم.
وغني عن القول أن سعدا لم يجب هذا الطلب الغريب، ولكنه كرر الرجاء على عدلي بالإسراع في السفر «لتبادل الآراء».
فبرح الإسكندرية في السادس عشر من أبريل، ووصل إلى باريس في الثاني والعشرين منه، وفي هذا دليل على أن الغرض الأول من دعوته لم يكن هو السعي في تدبير مصادفة للقاء بين الوفد وأعضاء اللجنة الملنرية في أثناء اجتيازهم بالعاصمة الفرنسية، وإنما كان الغرض الأكبر منه استيفاء المعلومات التي ينبني عليها رسم الخطة التالية بعد تجربة اللجنة في البلاد المصرية.
أما اللورد ملنر فقد عاد من مصر، وهو يعتقد أن مفاوضة الوفد أمر لا محيص منه قبل تقرير النظام الذي يوصي الحكومة البريطانية باتباعه؛ لأنه إذا فرض نظامه فرضا على الأمة المصرية قابلته لا محالة بالنفور والمقاومة، وضاعت المنح التي لعله يوصي بها هدرا في تيار هذه المقاومة، فلا هو احتفظ بها للمساومة والأخذ والعطاء، ولا هو أرضى الأمة المصرية، ولا هو جرى على سنة تقرير المصير التي يهم الدولة البريطانية أن تجري عليها بعد شيوعها على الألسنة في أثناء مؤتمر الصلح، والتحدث بمبادئ الرئيس ويلسون، وقيام عصبة الأمم الجديدة بما لها من حق الإشراف على الوصاية والانتداب وما إليهما من العلاقات بين الدول القوية والأمم التي لا تملك استقلاها وسيادتها. وخير للحكومة البريطانية أن تعامل مصر على أساس التعاهد والاتفاق من أن تحسبها غنيمة مملوكة تدخل في حساب المقايضات والمنافسات بين الدول الاستعمارية؛ فإن معاملة مصر على هذا الأساس تخرج بها من حساب المقايضات والمنافسات بين الدول الاستعمارية، وتحفظ لبريطانيا العظمى سمعة الديمقراطية وحسن العلاقة بينها وبين الشعوب العزلاء المطالبة بحقوق الحرية.
ورأى اللورد ملنر أنه لو أهمل الوفد المصري كل الإهمال، ومضى في وضع تقريره بغير اكتراث به ولا رجوع إليه، لأوجب على الوفد خطة المقاومة، وعلى الأمة أن تجاريه في هذه الخطة، وقطع الرجاء في أعضائه المعتدلين والمتطرفين على السواء، فلا ينشط منهم أحد - بعد إهمالهم أجمعين - لترويج المقترحات المعروضة على الأمة وجلب الأنصار إليها ولو وافقته تلك المقترحات.
ثم ما العمل في الوزارة التي تبرم المعاهدة وتستفتي فيها الأمة؟! أيؤلفها الإنجليز من المنبوذين الذين لا مطمع لهم في أنصار كثيرين أو قليلين؟! إن فعلوا ذلك فرفض المعاهدة محقق بغير جدوى، وقد يجر ذلك إلى مجافاة «الوزراء الأصدقاء» أيضا وإلجائهم مختارين أو غير مختارين إلى مسايرة الوفد والإجماع، والوقوف من المقترحات موقف المعارضة أو الإعراض.
أما إن كان الإنجليز يؤلفون الوزارة من عدلي ورشدي وأصحابهما، فهل يرجو اللورد ملنر منهما أن يقبلا تأليفها بمعزل عن الوفد كله دون أن يطمعا في تأييده أو تأييد فريق من أعضائه؟! إنهما لا يقدمان على ذلك كما يعلم اللورد ملنر، وخير ما يرجوه أن ينتظرا حتى تكون هناك مفاوضات مع الوفد، ويكون هناك أمل في استمالة بعض الأعضاء الموافقين على المقترحات، فهما يقدمان حينئذ على تأليف الوزارة بتأييد من أولئك الأعضاء.
فكل عمل كان يعمله ملنر قبل مفاوضة الوفد عبث:
عبث أن يلقي إلى الأمة بمقترحات يقاطعها الوفد بالإجماع، وهو معذور لديها ولدى جميع المنصفين.
وعبث أن يسلم المقترحات إلى وزارة منبوذة تجني عليها من الخطوة الأولى.
অজানা পৃষ্ঠা