সাদ জাগলুল নেতা বিপ্লব
سعد زغلول زعيم الثورة
জনগুলি
ولقد لمست الأمة المصرية قوة إجماعها بيديها في أيام اللجنة الملنرية، وشعرت باستقلالها حقيقة ماثلة في ضميرها وإن جحدته المظاهر الرسمية؛ فصمدت على التفاؤل والاطمئنان إلى المستقبل غير حافلة بما بدا من ضعف الأعضاء الوفديين الذين تراجعوا على أثر ما اصطدموا به من اعتراف الدول جميعا بالحماية، وأعان المصريين على تحدي هذا الإجماع أنهم رأوا مؤتمرا كالمؤتمر الأمريكي يرفض معاهدة فرساي؛ فشعروا بأن إجماع الدول على توقيعها ليس بالسد المنيع الذي يستعصى اختراقه، ويحق عليهم اليأس من تداعيه يوما بعد يوم، كلما تبدلت أطوار الشعوب وعلاقات الحكومات.
وظل النفور مستحكما بين الحكام العسكريين والأمة المصرية في إبان زيارة اللجنة الملنرية، وكأنما كان يهم هؤلاء الحكام العسكريين أن يوقعوا في أخلاد المصريين أن حضور اللجنة إلى هذا البلد لا يعني أن الدولة البريطانية تبالي بشعورهم، وتكترث لرفضهم أو قبولهم، فدأبوا على الغطرسة والعناد. ولولا قليل من الحرية في نشر بعض الآراء لظلت الحالة كما كانت عليه قبل حضور اللجنة بلا اختلاف.
وزاد الجو اكفهرارا لجاج حكومة السودان في مشروعات الري والزراعة، وهي المشروعات التي ترمي إلى بناء خزان على النيل الأزرق وخزان آخر على النيل الأبيض، واستدراج الحكومة المصرية إلى القيام بتكاليف هذه المشروعات ليستفيد منها أصحاب الأموال في إنجلترا، ويستعينوا بها على إصلاح الأرضين الواسعة وزرع القطن الذي يزاحم قطن مصر، ولا ينتفع به أهل السودان؛ فبلغ الحنق من هذه المشروعات أقصاه، وساء تأويل كل ما يقال وكل ما يراد في هذا الباب، وتعرضت حياة وزيرين مصريين من رجال الهندسة والري - وهما إسماعيل سري باشا ومحمد شفيق باشا - للخطر من جراء البحث فيها؛ إذ ألقى بعض الشبان على كل منهما قنبلة في طريقه، واتفقت الحادثتان معا في أثناء زيارة اللجنة الملنرية، فدلتا على اكفهرار الجو أثناء زيارتهما أيما اكفهرار.
الفصل السابع
المفاوضة في لندن
بعد أخذ ورد قبل عدلي باشا أن يقدم موعد سفره إلى باريس إجابة لطلب سعد في العشرين من شهر مارس.
ولم تكن هذه الدعوة ابتغاء الوساطة في لقاء بين الوفد واللجنة كما أشاع بعضهم في تلك الأيام؛ فقد كان ملنر في الشرق حتى ذلك اليوم، وكان محتملا أن يمر بباريس عند عودته خلال ذلك الأسبوع، قبل ذهاب عدلي إلى باريس على أي تقدير.
وإنما دعاه سعد؛ لأنه أراد أن يعرف بالمحادثة ما لا يعرف بالمراسلة، وأن يطلع على الحقيقة قبل أن يبت بالرأي الحاسم في مسألة اللجنة، عن يقين لا تشوبه الظنون.
وهنا بدرت من عدلي بادرة جديدة من البوادر التي لا تني تدل على نيات الوزراء «الأصدقاء» فيما يتخذون من علاقة بسعد خاصة وبالوفد عامة، فلما أبرق سعد إلى عدلي يرجوه «تقديم موعد حضوره إلى باريس بقدر المستطاع» كان هم عدلي الأول أن يتمسك على سعد وعلى الوفد بوثيقة مفصلة قبل أن يجيب هذه الدعوة! فأبرق إليه يقول إنه «قبل تعيين ميعاد السفر يكون سعيدا لو تسلم خطابا تفصيليا منكم». وليس هذا مسلك تعاون خاص، ولكنه مسلك تقييد بالأسانيد المكتوبة، قد يكون فيه مصلحة لعدلي ولكن، لا مصلحة فيه للقضية المصرية، ولا للمساعي المنتظرة في المستقبل.
فإن القضية المصرية لا تستفيد من وثيقة يبسط فيها الوفد أغراضه المفصلة قبل الاطلاع على فحوى الحالة كلها من محادثة عدلي والموازنة بين المعلومات الأخرى.
অজানা পৃষ্ঠা