ميزان الصحة
يذكر القراء أن دولة الرئيس الجليل كان معتكفا حينما استقالت الوزارة العدلية الماضية، فلما ألفت الوزارة الثروتية وتقرر أن تتقدم إلى مجلس النواب أصر (طيب الله ثراه) على أن يرأس جلسة المجلس في ذلك اليوم بنفسه.
وعلى أثر ارفضاض جلسة المجلس عاد الرئيس إلى بيت الأمة، والتقى عند بابه الخارجي بمندوب إحدى جرائدنا اليومية، فقال له هذا بعد التحية: «ربنا يديك العافية يا دولة الباشا ... يظهر أن اللورد لويد كان مصيبا عندما قال إن الأزمات تنعش سعد باشا وترد إليه صحته ونشاطه.»
فابتسم سعد باشا وقال: «ربنا يمد في حياته.»
التماس حافظ
ربما كانت النادرة التالية خير ما قيل للدلالة على قوة حجة سعد باشا وبلاغة عبارته، فإن شاعر النيل حافظ بك إبراهيم كان مرة بين ضيوف الرئيس الجليل في مسجد وصيف، وقد عرف عنه أنه مولع جدا بالكمثرى ولا يميل كثيرا إلى التفاح.
وفي ذات يوم كانت مائدة سعد غاصة بالزائرين، والظاهر أن جلهم كان مولعا بالكمثرى مثل حافظ بك، فلما انتهوا من الطعام وجيء إليهم بالفاكهة أقبلوا كلهم على أطباق الكمثرى يلتهمونها التهاما نابذين أطباق التفاح، فأسقط في يد حافظ بك، وأخيرا لما بلغ منه اليأس أشده التفت إلى الفقيد العظيم وقال: «ما تخطب لهم يا باشا في مزايا التفاح.»
تمثال نهضة مصر
حدث لما زار الفقيد العظيم تمثال نهضة مصر أنه بينما كان دولته يتفرج على القاعدة، دنا منه أحد المصورين ورجاه أن يسمح له ولزملائه بتصويره واقفا لوحده أمام التمثال حتى يقال: «زعيم نهضة مصر واقفا بجانب تمثال نهضة مصر»، فأجابه دولته إلى رجائه وسار إلى حيث التمثال ووقف أمامه كمن يتفرج عليه، فقال له المصور: «نحن نرجو دولتكم أن تعطوا لنا وجهكم حتى يظهر مع التمثال.» فقال سعد باشا: «ولكني لا أظن أنه يليق أن أعطي ظهري لنهضة مصر.» وبعدما استشار سعد باشا الواقفين بجانبه رضي أن يذعن لهذا الحكم الفني.
وكان المغفور له حسين رشدي باشا يصحب سعد باشا في هذه الزيارة، وبينما هما يسيران جنبا إلى جنب، وصلا أمام باب ضيق لا يسع مرور أكثر من شخص واحد، فقال الرئيس الجليل لرشدي باشا: «تفضل يا باشا.» فتنحى رشدي باشا وقال: «لا ما يصحش، تفضل أنت يا باشا.» فدفعه سعد باشا أمامه وقال له وهو يبتسم: «أنت أكبر مني سنا، فادخل أولا.» فلم ير رشدي باشا عندئذ مندوحة عن المرور قبل الرئيس. (12) سعد بين الشجاعة والشفقة
অজানা পৃষ্ঠা