وأثار سبحانه ما في دفائن العقول من معرفته بآيات بينة تحقق صفاته الإلهية، واختصاصه بالملك والعظمة والكبرياء والوحدانية، فتنبه العقول من سنة الغفلة عن معرفة رب العالمين، وينجلي ريبها الذي سببه اتباع الهوى والتخيلات الفاسدة، وتقليد الآباء في الدين، فتدبر الآيات الصريحة في كتاب الله المجيد، المرشدة إلى أنوار الهداية والتوحيد، الصارفة للعقول إلى ما هو الأهم من علم الله وعدله وصدقه، ?وما ربك بظلام للعبيد?[فصلت: 46]، ?أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها?[محمد: 24]، قال الله سبحانه: ?إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون?[البقرة: 164]، وقال سبحانه: ?أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت *وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت?[الغاشية: 17 20]، وقال تعالى: ?فلينظر الإنسان مم خلق?[الطارق: 5]، وقال تعالى: ?وكأين من آية? [يوسف: 105]، فالقرآن مشحون بمثل ذلك، منبه لذوي الألباب على سلوكها في النظر أشرف المسالك، حتى يعلموه علما إيقانا، ?ويزداد الذين آمنوا إيمانا? [المدثر: 31]. وأنه ?الذي أحسن كل شيء خلقه?[السجدة: 7]، ?الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار? [الرعد: 16].
وإياك أن تتفكر في ذاته، فلن تعرفه إلا بالنظر في مخلوقاته. ومن كلام الوصي كرم الله وجهه في الجنة وقد سئل عن التوحيد فقال: (( التوحيد ألا تتوهمه )). وهذا من الحكم الجوامع، وروي: (( من تفكر في الخالق ألحد، ومن تفكر في المخلوق وحد )). قال الشاعر:
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
ومن ذلك جواب موسى عليه السلام وقد سأله فرعون لعنه الله قال: ?ومارب العالمين?[الشعراء: 23] أي: من أي الأجناس هو؟ فأجابه بما يعلم به، فقال: ?رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين?[الشعراء: 24].
পৃষ্ঠা ৭