ه وقد أدرك صاحب العواصم والقواصم(1) ضعف هذه الشبهة وقال معترضا عليها ما نصه: (( إن النظر قد يستعمل في غير الرؤية معدى ب(إلى) كقوله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لاخلاق لهم في الآخرة ولايكلمهم الله ولاينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم}(2)، بل النظر في اللغة وعند أهل الكلام: هو تقليب الحدقة الصحيحة في وجه المرئي طلبا لرؤيته، وإن لم تحصل رؤية ذلك، وذلك لايجوز على الله في كل مذهب فلا يختص نفيه عمن ذكر، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وتراهم ينظرون إليك وهم لايبصرون}(3).
وعلى هذا يكون قوله تعالى: {ولاينظر إليهم} كناية عن إهمالهم لاسوى والله أعلم )).
الشبهة الثانية: فإن قيل: إن الانتظار محله القلوب لا الوجوه.
جوابها: الرؤية كذلك لاتكون بالوجوه وإنما تكون بالعيون ولو كانت كذلك لوجب صحة قول القائل: ذقت بوجهي. أي أدركت الطعم؛ لأن آلة الذوق في الوجه كما أن آلة البصر في الوجه.
فإسناد الرؤية إلى الوجوه غير وارد أصلا إذ لم نسمع قول أحد: رأيته بوجهي ، ويتعذر جواز ذلك قطعا على رأي الذي ينكر المجاز مطلقا، أو في القرآن الكريم خاصة، كما هو شأن الكثير من مثبتي الرؤية(4).
পৃষ্ঠা ৬১