أالانسجام المعهود به في آي القرآن وارتباط بعضها مع بعض، وهذا ما نلاحظه في هذه الآيات حيث أنها قسمت الناس إلى قمسين او طائفتين، إحداهما وجوهها ناضرة أي مبتهجة حسنة مشرقة بما ترجوه من ثواب الله. إلى ربها ناظرة: أي منتظرة لرحمته ودخول جنته. والأخرى مباينة لها في أحوالها فوجوهها باسرة، أي كالحة مكفهرة لما تتوقعه من العذاب، تظن أن يفعل بها فاقرة: أي تتوقع أن ينزل بها ما يقطع فقار ظهورها. فنضارة هذه الوجوه مقابل بسور تلك، وانتظار هذه لرحمة الله مقابل توقع تلك للعذاب.
ب إن هذا التأويل هو الذي يتفق مع ما فيه خاتمة سورة عبس وهو قوله تعالى: {وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة}(1). إذ لافارق بين ما وصفت به وجوه المؤمنين هنا من الاستبشار، ووصفت به في آية القيامة من النظر بمعنى الانتظار فإن المنتظر للرحمة مستبشر بها، والمنتظر والمستبشر منتظر لما استبشر به(2).
وبالإضافة إلى ذلك فإن كثيرا من كبار الصحابة والمفسرين قد فسروا ناظرة بمعنى منتظرة.
1 يقول الإمام علي (ع) : (( ينظرون إليه في الآخرة كما ينظرون إليه في الدنيا أي ينتظرون ما يأتيهم من نعمه وإحسانه ))(3). وفي رواية أخرى له: (( إذا جاء المؤمنون إلى الصراط فتحت لهم أبواب الجنة فينظرون إلى ما أعده الله من الثواب والكرامة وما يعطون من النعم الجزيلة ))(4).
পৃষ্ঠা ৫৫