وقال ابن القيم: لقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن المنافقين يرونه تعالى يوم القيامة بل والكفار أيضا كما في حديث التجلي يوم القيامة، ثم قال: وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال لأهل السنة.
أحدها: أن لا يراه إلا المؤمنون.
الثاني: يراه جميع أهل الموقف مؤمنهم وكافرهم ، ثم يحتجب عن الكفار فلا يرونه بعد ذلك.
الثالث: يراه المنافقون دون الكفار، والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد، وهي لأصحابه(1)، انتهى.
هكذا ترى أيها القارئ الكريم تضارب أقوال مثبتي الرؤية في هذه القضية حتى أنهم ينسبون إلى إمام واحد من أئمتهم أقوالا متعارضة، ومذاهب متباينة، وناهيك بذلك شاهدا ودليلا على ضعف القاعدة التي أسسوا عليها معتقدهم وإلا فإن الحق لا يحتمل هذا الإختلاف؛ لوضوح حجته، واستقامة محجته وصدق الله{وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}(2).
وليت شعري إذا كانت الرؤية أعظم ثواب أعده الله للمؤمنين ثم شاركهم فيها الكافرون والمنافقون، ماذا بقي بعدئذ؟
وكيف لايشاركونهم في نعيم الجنة مع أن الجنة لا تساوي شيئا بجانب هذا الثواب العظيم في زعم هؤلاء القائلين.
حتى إنهم نسبوا إلى أحد أئمتهم أنه لو لم يوقن أنه سيرى ربه يوم القيامة لما عبده(3).
وهو يفيد أن قائله يرى أن الله سبحانه لا يستحق من خلقه عبادة لولا رؤيته التي يعتقدونها لا لعظمته ولا لنعمته ولا لثوابه ولا لعقابه ولعمري ما أخطر هذا القول ونسبته إلى عالم من علماء المسلمين، فما أشبهه بقول بني إسرائيل {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}(4).
পৃষ্ঠা ৩৪