إلى أن قال: وأما قوله تعالى: {ولقد رآه نزلة أخرى}(1)، فإنما يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أنه رأى جبريل عليه السلام عند سدرة المنتهى التي لايجاوزها خلق من خلق الله فرأى محمد صلى الله عليه وآله وسلم جبريل عليه السلام في صورته هذه المرة وقبلها مرة أخرى، فذلك قوله سبحانه: {ولقد رآه نزلة أخرى} يعني مرة أخرى عند سدرة المنتهى، وقد أعلم الله في آخر الآية أنه رأى غير ربه حيث يقول: {ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى}(2)، وذلك أن خلق جبريل (ع) آية عظيمة وهو من الروحانيين الذين لايعلم خلقهم وصورهم إلا الله رب العالمين.
وذكر علي (ع) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: رأيت جبريل في صورة له ستة أجنحة جناحان ارتدا بهما وجناحان اتزر بهما وجناح خارج في المشرق في الهوى وجناح في المغرب في الهوى قد ملأ الآفاق كلها سبحان الله وتعالى جل ثناؤه..
إلى أن قال: أفهمت ما ذكرت لك؟ قال الرجل الشاك: نعم فرجت عني فرج الله عنك كل غم وحللت عني عقدة فعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين(3).
انظر في هذا التعامل العلوي الرائق وفي هذا التوضيح الفائق لأمير المؤمنين (ع )، إنه استوقف عقله ورد متشابه الكتاب إلى محكمه، ونبه على أن سبب وقوع الرجل في الشك والارتياب هو عدم الانتفاع بعقله في تدبر الكتاب، كيف لا وهو باب مدينة علم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهكذا علم أهل البيت (ع) قرناء الكتاب وحراس العقيدة فلنرجع إليهم وننهل من بحور علومهم فلا نجاة لنا إلا باتباعهم باعتبارهم الممثلين الحقيقيين لسنة سيد المرسلين، وقد أدركت أنه من لم يؤول الآيات المتشابهات ويستوقف عقله ويردها إلى الآيات المحكمات وقع في التشبيه والضلالة وهذا ما يحذر منه أهل البيت (ع).
পৃষ্ঠা ২২