أما قوله: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} (1) فإن ذلك في موطن ينتهي بأولياء الله إلى نهر يقال له الحيوان بعدما يفرغ من الحساب فيغتسلون فيه ويشربون منه فتنضر وجوههم وهو الإشراق ويذهب عنهم كل قذا فينظرون إلى ربهم متى يأذن لهم في دخول الجنة، وذلك قول الله حين أخبر عن تسليم الملائكة حيث يستقبلونهم في ذلك الموطن: {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}(2)، حيث يذهب كل قذا وأيقنوا بالجنة، ولايعني بالنظر الرؤية لأن الأبصار لاتدركه وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وذلك مدحة امتدح بها ربنا تبارك وتعالى وتقدس فأحق من لاتنقطع مدحته في الدنيا ولافي الآخرة الله رب العالمين، وقد قال موسى نبي الله: {رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني}(3)، فأبدى ربنا تبارك وتقدس بعض آياته فتقطع الجبل وصار رميما وخر موسى صعقا يعني ميتا فتاب وأحياه الله ولقنه: {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} بأنك لاترى وإنما يعني بأول المؤمنين من أمته، وقد سأل قوم موسى فقالوا: {أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة}(4)، ومن سأله أو ظنه ظنا فخرج من الدنيا على ذلك فقد بري من دين الله، إن الله تبارك وتعالى وتقدس {لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}(5)، ولاينبغي أن تنقطع مدحته وكذلك {لاتأخذه سنة ولانوم}(6)، وكذلك قال: {يطعم ولايطعم}(7).
পৃষ্ঠা ২১