قَوْله واستبعد ان يكون صَادِقا فِيهِ وان الْوَزير خرج من بَين يَدَيْهِ واجما مِمَّا سَمعه مِنْهُ منكسرا بِمَا قابله بِهِ ثمَّ انفق المَال الْكثير وَغرم الْغرم الثقيل فِي طلب النعام وَحمله إِلَى ذَلِك الْبَلَد حَتَّى إِذا حملت مِنْهُ عدَّة بعد الكلفة الشَّدِيدَة مَاتَت فِي الطَّرِيق فَلم يسلم مِنْهَا إِلَّا وَاحِدَة وأحضرها الْوَزير للْملك وأحضر الْجَمْر وَالْحَدِيد حَتَّى ابتلعته فَلَمَّا رأى الْملك ذَلِك وَشَاهد سرُور الْوَزير بِهِ وبدفعه عَن نَفسه مَا دَفعه فِيهِ قَالَ لَهُ: ان جهلك عِنْدِي الْيَوْم أَكثر مِنْهُ عِنْد حكايتك مَا حكيت ودعواك مَا ادعيت لانه يَنْبَغِي للعاقل إِلَّا يحدث حَدِيثا يُنكره السَّامع وَيحْتَاج فِي الدّلَالَة عَلَيْهِ إِلَى مثل مَا تكلفته من الْفِعْل وَالْغُرْم أوليس لَو مَاتَت هَذِه النعامة الْبَاقِيَة لتحَقّق عَلَيْك الْكَذِب وخسرت المَال والتعب وَلَو منعت لسَانك مَا كنت غَنِيا عَنهُ لكفيت مَا وَقعت فِيهِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي: سَأَلَ الْمَأْمُون صلوَات الله عَلَيْهِ جِبْرِيل عَن المَاء وَكم يلبث لَا يتَغَيَّر فَأعلمهُ أَن المَاء إِذا كَانَ على غَايَة الصفاء لم يتَغَيَّر قطّ فصدقت قَول جِبْرِيل وَقلت: عِنْدِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من مَاء القيسرة دساتيج مُنْذُ بضع عشْرين سنة وَمَا أَظُنهُ تغير فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ الله مَا أعجب مَا ذكرت وأنفذ رَسُولا إِلَى أُمِّي يَسْتَدْعِي مِنْهَا الدساتيج وَمن ظَنّه أَنه يعود بتكذيبي فَلَمَّا أَتَاهُ بالدساتيج وعَلى أغطيتها ذكر السّنة الَّتِي أَخذ المَاء فِيهَا من القيسرة
1 / 36