রুম
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
জনগুলি
وأما يوحنا الذهبي الفم فقد سبق لنا عنه الحديث، ولعل أفضل ما يعبر عن أثره في النفوس ومنزلته في التاريخ ما قاله نيقوفوروس كاليستوس في القرن الرابع عشر: «لقد قرأت أكثر من ألف عظة له تتدفق حلاوة، ولقد أحببته منذ حداثتي وأصغيت إلى صوته كأنه صوت الله، وإني مدين له بجميع ما أعرفه، وبنفسي أيضا.»
20
واشتهرت أنطاكية أيضا بأميانوس مرسلوس (330-401)، ولد في أنطاكية من أبوين يونانيين عريقين في الشرف، والتحق بالجيش وتولى القيادة العامة، ولمع في غالية وفي ما بين النهرين، ثم تقاعد فعني بالتأريخ فكتب تكملة لتاريخ تاسيتوس، وذلك بعبارة لاتينية متينة فصيحة،
21
ولم يكن يرى فضلا في النصرانية، ولكنه كان أقل تعصبا من ليبانيوس، وأحب أنطاكية وسورية ولبنان ، وفاخر بها: «أنطاكية لا مثيل لها، وفينيقية عند قدم لبنان فتانة جميلة.»
22
وكان طبيعيا جدا أن تهتم الأوساط النصرانية في أنطاكية في القرون الأولى اهتمام الإسكندرية للدفاع عن النصرانية، وأن تنشأ فيها مدرسة من طراز ذيذاسقاليون الإسكندرية، فنحن نقرأ أنه في السنة 269 اتخذ مجمع أنطاكية المحلي قرارا بقطع بولس السميساطي أسقف أنطاكية وصديق زينب التدميرية، ونقرأ أن الذي تولى أمر تفنيد أضاليل هذا الأسقف كان الأب ملكيون «رئيس مدرسة العلوم اليونانية» في أنطاكية، ثم نقرأ أنه في السنة 290 اتفق القسان لوقيانوس ودوروثاوس وجماعة من الأساقفة والقسوس على جعل دارهم مدرسة لتدريس الأسفار المقدسة وشرحها.
وكان لوقيانوس (235-312) سميساطي الأصل درس على الأسقف بولس السميساطي الذي علم أن الآب والابن والروح القدس ليسوا سوى أقنوم واحد، وأن المسيح لم يكن ابن الله - على الحقيقة - وإنما كان إنسانا حل فيه اللاهوت، وتشرب لوقيانوس شيئا من تعاليم معلمه، فأصابه حكم المجمع الذي قطع أستاذه، وبقي مبعدا عن الكنيسة حتى نكل عن بعض ما قاله فرده البطريرك كيرلس (277-299) إلى درجته في الكهنوت، وعني لوقيانوس بتحري نص التوراة السبعينية ونص الإنجيل، فضبط لهذين السفرين الترجمة التي عم استعمالها الكنائس الشرقية، وتوفي لوقيانوس وزميله دوروثاوس شهيدين في نيقوميذية «أزميد» في السنة 312.
وأشهر الآباء الأنطاكيين في تاريخ الفكر الديني العقائدي: ديودوروس الطرسوسي (+394) ويوحنا الذهبي الفم (+407) وثيودوروس المبسوستي (+429) وثيودوريطس القورشي (+457)، ولد ديودوروس في أنطاكية في بيت عريق في الشرف والنفوذ، ودرس في آثينة ثم في أنطاكية، وقام بأعباء الخدمة في أنطاكية في أثناء المحنة التي أدت إلى نفي سيده البطريرك ملاتيوس الشهير (360-378)، وسيم أسقفا على طرسوس في السنة 378.
وبوصفه أسقفا اشترك في أعمال المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية سنة 381، وكتب في الفلسفة واللاهوت وفي تفسير الأسفار، وأما ثيودوروس المبسوستي أو الأنطاكي، فإنه أبصر النور في أنطاكية في السنة 350 أو ما يقاربها، في بيت وفر ويسار ونفوذ واقتدار، ودرس على ليبانيوس، ثم اجتذبه يوحنا الذهبي الفم إلى الدين المسيحي، فتقبل النعمة وتنسك وجاور ديودوروس الطرسوسي، وكان هذا لا يزال في أنطاكية، ولم يقدر على متابعة الزهد فعاد إلى أنطاكية ليتزوج، فوجه إليه يوحنا الذهبي الفم رسالته
অজানা পৃষ্ঠা