রুম
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
জনগুলি
وكان يتلو غايناس في القوة والنفوذ والأهمية الخصي إفتروبيوس، فإنه جمع حواليه كل مغامر ومداهن من أصحاب المصالح الكبرى، الذين اتجروا بكل شيء وتملقوا كل صاحب نفوذ؛ إشباعا لمطامعهم، وأصبحت سياسة العاصمة في أيام أركاديوس الأولى تطاحنا مستمرا بين غايناس القوطي وأفتروبيوس الخصي؛ للحصول على النفوذ، أو الوصول إلى السلطة، أو الاحتفاظ بها.
ويستدل من بعض المصادر أن كثيرا من الشيوخ والوزراء ورجال الإكليروس لم يرضوا عن هذا ولا عن ذاك ، فتضامنوا في سبيل المحافظة على رومانية الدولة والحيلولة دون وصول الألمان البرابرة إلى الحكم، ولم يروا في افتروبيوس ذاك الوطني المخلص، فالتفوا حول المدبر أوريليانوس،
4
وأجمل ما بقي من آثار هذه اليقظة الوطنية الرومانية رسالة وضعها الأسقف سيناسيوس القيروني ووجهها إلى الإمبراطور، وأسماها «قوة الإمبراطور»، وكان سيناسيوس قد زار القسطنطينية في السنة 399، ولبث فيها ثلاث سنوات، فجاءت رسالته خير معين على فهم أوريليانوس وموقفه هو وجماعته من سياسة ذلك العصر، وتلخص هذه الرسالة بوجوب مراقبة الألمان البرابرة والاستعداد لمجابهتهم؛ لأنهم سيستغلون أتفه الأعذار لتقلد الأحكام، ولذا يجب على الإمبراطور أن يزيح الأجانب عن المناصب الهامة وأن ينزع عنهم عضوية مجلس الشيوخ، وعليه أيضا أن يطهر الجيش وأن يزيد عدد الوطنيين فيه ثم يفرض أمره على هؤلاء البرابرة.
5
ثورة القوط في فريجية
وكان الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير قد أسكن جماعات من القوط الشرقيين مقاطعات معينة في فريجية في آسية الصغرى، فلما اشتد الاحتكاك بين غايناس وبين أفتروبيوس، أوعز القائد القوطي إلى هؤلاء بالتعرض للسكان الآمنين وإحداث الشغب، ففعلوا، فأنفذ الإمبراطور غايناس نفسه لإخماد هذه الحركة، وما إن وصل غايناس إلى مناطق الاضطراب حتى تفاهم مع قائد القوط الشرقيين ووجه - بالتضامن معه - خطابا إلى الإمبراطور يطلب فيه إخراج افتروبيوس من وظيفته وتسليمه إليه، فاضطرب أركاديوس وخشي سوء العاقبة فأبعد افتروبيوس عن العاصمة (399)، ولكن الزعيمين القوطيين لم يكتفيا بهذا بل أصرا على إعادة افتروبيوس إلى العاصمة ومحاكمته وإعدامه، وبعد أن تم لهما هذا طلبا إلى الإمبراطور أن يكرس إحدى كنائس العاصمة للصلاة بحسب المذهب الآريوسي، فاحتج يوحنا الذهبي الفم أسقف العاصمة احتجاجا قويا، فتراجع غايناس عن هذا الطلب؛ لعلمه أن الجماهير في العاصمة وخارجها تؤيد الذهبي الفم.
سقوط غايناس وانتهاء مشكلة القوط
وخشي الوطنيون الرومانيون مطامع غايناس وراعهم الأمر فتأهبوا وتهيئوا، وعاهدوا قوطيا آخر اسمه فرافيتة وعقدوا معه عقدا؛ لما لمسوا فيه من الإخلاص والمحبة للإمبراطور والولاء للإمبراطورية. ولدى خروج غايناس من العاصمة في أوائل السنة 400 هجم الوطنيون على من تبقى من عساكره في داخل المدينة وقتلوهم، فثارت ثائرة غايناس وجمع جموعه ونهب تراقية وهم بالعبور منها إلى آسية الصغرى، ولكن فرافيتة انتصر عليه وصده عن اجتياز المضايق، ففر غايناس عبر الدانوب، فوقع أسيرا بيد ملك من ملوك الهون أمر بقتله، فقتل في كانون الأول من السنة 400.
وكافأ أركاديوس فرافيتة فجعله قنصلا، وانتهت مشاكل القوط بسقوط غايناس، واعتبر أركاديوس انتصاره على غايناس عملا عظيما فنقشه على العامود التذكاري الذي أقامه في فورم القسطنطينية، وتغنى الشعراء بهذا النصر واعتبروه عظيما، وخلد سيناسيوس عمل أوريليانوس وجماعته برواية رمزية دارت حوادثها على صراع بين أوسيريس «أوريليانوس» وتيفون المحرض على الشر.
অজানা পৃষ্ঠা