الباب الأول في ما صدر به الرسالة من الشكوى
[[[ قال إبليس لعنه الله ]]]
أما بعد , معاشر إخواني - كثر الله عددكم أطال أمدكم - لقد علمتم وأيقنتم انه لا موافقة فوق موافقة الاعتقادات ولا مطابقة أعظم من المطابقة في الديانات , جبلت القلوب على حبها حتى يتواصل فيها الأجانب ويتقاطع عليها الأقارب , ووافقت في ذلك الشريعة الطبيعة فوردت فيها الآيات والأخبار والنصوص والآثار ونطق به الكتاب واتفق عليه ذوو الألباب , فقال الله تعالى : {إنما المؤمنين إخوة } و{ المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } و{ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض } .
ورووا أن النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قال لأبي ذر : أتدرى أي عرى الإسلام أوثق ؟ قال الله ورسوله اعلم , قال : الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله .
وقال شاعرهم :
إن لم يكن بيننا قربى فآصرة في الدين اقطع فيه الوالد الولدا
وقد علمتم أن نوحا لما سأل ربه أن يبقي ابنه أجيب { أنه ليس من أهلك }لمخالفته لك في دينك {فكان من المعوقين } مع الكافرين وأن لوطا بشر بالنجاة {إلا امرأته كانت من الغابرين }, وإبراهيم لأجل الدين خالف أباه ,وأشرك موسى في النبوة أخاه , وأن آسية تبرأت من فرعون وإن عذبت بالأوتاد , وحزبيل تبرأ منه وقال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم } , وأن أبا لهب عد أجنبيا وإن كان هاشميا , وعد سلمان أهليا وإن كان فارسيا, كل ذلك بناء على الموافقة في الشريعة والتناصر في الملة والتقارب في النحلة .
পৃষ্ঠা ৮