الكلمة والجسر على كل طامة وعظيمة وتكفير المسلمين بعضهم بعضا ، وهذا أمر مشاهد . ثم هم في خلال ذلك أبعد الناس عن المجيء ببرهان حق ، وأكثرهم سفسطة وتخليطا واضطرابا وتناقضا .
31 - فإن قال قائل : قد ذممت التقليد ، وأبو بكر وخديجة وعائشة وعلي وخالد ابن سعيد وعمرو بن عبسة والأنصار رضي الله عن جميعهم مقلدون أفهم مذمومون ( 1 ) في تقليدهم قلنا وبالله تعالى التوفيق : لسنا نقول هذا ، ولكنا قد بينا في غير هذا الموضع أن التقليد هو لمن اتبع من لا ( 2 ) يؤمر باتباعه فهذا هو المذموم في تقليده وإن أصاب الحق . وأما من اتبع من افترض الله تعالى عليه اتباعه ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس يسمى مقلدا ، بل هو موفق مطيع لله تعالى ، محسن ، سواء ( 3 ) اتبعه في عقدة الإسلام أو فيما دون ذلك من الاعتقادات أو العبادات والأحكام . وقد بينا أيضا في غير هذا الموضع أنه قد تقع الضرورة بخبر الواحد ويصح به العلم المتيقن ، وكل هؤلاء وقع لهم العلم الحق واليقين ( 4 ) الضروري بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالإسلام وبصحة نبوته . هذا ما لا شك فيه عندنا ألبتة ، ولا يجوز غير هذا ألبتة . ولقد كانوا أعلم وأفضل وأجل وأسلم وأتم من أن يستجيبوا لقول قائل ، بلا برهان ( 5 ) لولا أن الله تعالى أنزل السكينة عليهم كما قال الله عز وجل : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم [ 98 / أ ] فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } ( الفتح : 18 ) وكما قال تعالى { حبب إليكم الإيمان وزينة في قلوبكم ، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ، فضلا من الله ونعمة . والله عليم حكيم } ( الحجرات : 7 ) .
32 - وأيضا فقد صح برهان واضح أن الله تعالى خلق كل شيء في العالم من حامل ومحمول ، ولا ثالث لهما في العالم ، فإذا ذلك كذلك ، فهو تعالى خالق الإيمان في قلوب المؤمنين ، فمن خلق الله تعالى الإيمان في قلبه ولسانه فهو مؤمن صحيح الإيمان ، سواء خلقه في قلبه ولسانه دون استدلال أو خلقه باستدلال ؛ وكذلك الكفر أيضا :
পৃষ্ঠা ২০১