المعاني الأُول. وقد نبهت فيما سبق على صياغتها على نحوين: أحدهما ما يكون بالتصرف في النظم بلا اتساع وتجوز في الكلام. والآخر ما يكون بنحو ١ من الاتساع والتجوز ٢ فيه مع قطع النظر عن حال النظم.
فإن قلتَ: هل تختلف ٣ دلالة المعاني الأُول في كلام مخصوص مركب من مواد معينة، على العاني الثواني بلا اتساع وتجوّز فيه لا من جهة المادة، ولا من جمة الهيئة..؟
قلتُ: نعم إذا تغير النظم وحال ٤ المواد٥ على حالها - على ما نقلناه عن الشيخ فيما تقدم.
فإن قلتَ: هلا تتغير حينئذ صورة الكلام الحاصلة بحسب النظم..؟
قلتُ: بلى إلا أن هذا التغيير لا يؤثر في الدلالة ولا يخرجها عن حد الوضع إلى حد العقل ٦.
فإن قلتَ: هل٧ يحصل بمجرد تغير النظم اختلاف في كيفية دلالة المعاني الأُول على المعاني الثواني.
قلتُ: نعم، ألا ترى أن (يسبُني) في قوله٨:
ولقد أمر على اللئيم يسبني
حال كونه صفة أظهر دلالة على المعنى٩ المقصود، وهو التمدح بالوقار منه حال كونه حالًا؟ ولقد أفصح عن هذا من قال١٠: ".. المرجح للوصفية على الحالية، إن جعله وصفا، أي لئيم عادته١١ المستمرة (يسبني) أفيد في المعنى /س ٩٩ب/ على الوقار " انتهى كلامه.
ومن هنا انكشف سر وهو أن الاختلاف في كيفية الدلالة غير منحصر١٢ في طريق المجاز والكناية كما توهمه صاحب المفتاح حيث قال ١٣: انصباب علم البيان إلى التعرض للمجاز والكناية بناء على ما قدمه من أن التفاوت في الدلالة إنما يكون بالدلالة ١٤ العقلية. وذلك بالطريقين المذكورين لأن قوله (يسبني) في الوجهين المزبورين على حقيقته. والتفاوت المذكور في الدلالة مرجعه إلى المعنى النحوي، لا إلى المعنى اللغوي. فافهم هذا السر الدقيق ١٥، فإنه بالحفظ حقيق.
والحمد لله على التمام، والصلاة والسلام على سيدالأنام، وعلى آله الكرام.
1 / 189