الذي لا دين له سواه ، الذي به بدا الملك على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله رب العالمين [ 152 و ] .
15 - الفصل الرابع :
ثم ذكر الخسيس الجاهل قول الله تعالى { هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون } ( المرسلات : 35 ) ثم قال في آية أخرى : { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها } ( النحل : 111 ) قال : وهذا تناقض عظيم .
16 - قال أبو محمد : قد قال بعض العلماء المتقدمين : إن المنع من النطق المذكور في الآية إنما هو في بعض مواقف يوم القيامة ، وان الجدال المذكور في الآية الأخرى هو موقف آخر مما يتلو ذلك اليوم نفسه ، وهذا قول صحيح يبينه قول الله تعالى قبل الآية المذكورة ، إذ يقول عز وجل : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون * انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب * إنها ترمي بشرر كالقصر * كأنه جمالات ( 1 ) صفر * ويل يومئذ للمكذبين * هذا يوم لا ينطلقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون } ( المرسلات :
29 - 36 ) فيه بعذر . هكذا نص الآيات متتابعات ، لا فصل بينها ( 2 ) ، فصح أن اليوم الذي لا ينطقون فيه بعذر إنما هو يوم إدخالهم النار ، وهو أول اليوم التالي ليوم القيامة الذي هو يوم الحساب ، وهو أيضا ( 3 ) يوم جدال كل نفس عن نفسها ؛ وهذا بيان لا إشكال فيه أصلا .
17 - وها هنا وجه آخر وهو اتباع ظاهر الآيتين دون تكلف تأويل إلا أن يأتي بالتأويل نص آخر أو إجماع من جميع الأمة كلها ما بين الأشبونة والقندهار والشحر وأرمينية والمولتان ( 4 ) . فنقول وبالله نستعين : عن هاتين الآيتين بينتان لا اختلاف بينهما أصلا ، وإن النطق المنفي عنهم في الآية الأولى والمعذرة التي لم يؤذن لهم فيها إنما ذلك فيما عصوا فيه خالقهم تعالى ، كما ( 5 ) قال عز وجل في آية أخرى : { اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } ( يس : 65 ) فلا عذر لكافر ولا لعاص أصلا ولا كلام لهم . وأما الجدال الذي ذكر الله تعالى حينئذ [ لكل نفس ] عن نفسها فإنما هو في طلب الناس مظالمهم [
পৃষ্ঠা ৪৯