125 ظ ] بعضهم من بعض ، فإن الله تعالى لا يضيع شيئا من ذلك ، على ما صح عن النبي صلى الله عليه [ وسلم ] من أن يوم القيامة يقص الشاة الجماء من الشاة القرناء ( 1 ) . وبيان هذا الذي قلنا ان المعذرة إنما هي إلى الله تعالى ، ولا عذر يوم القيامة لمن كفر بالله تعالى أو بنبي من أنبيائه ، وخالف الإسلام . وهذا هو الذي ( 2 ) يكون يوم القيامة ولا يعذر عليه أحد . وإنما هو مصدر جادل يجادل جدالا ، وجادل هو فعل من فاعلين لا ينكر أحد هذا من أهل اللغة ، فالله تعالى لا يجادل ، وإنما يجادل الناس بعضهم بعضا ، فكل أحد حينئذ يجادل من ظلمه ليقتص منه وهذا ما لا يعرى منه مؤمن ولا كافر ، فاستبان [ معنى ] الآيتين بظاهرهما دون تكلف تاويل ، وبطل ما ظنه هذا الجاهل ، والحمد لله رب العالمين .
18 - قال أبو محمد : ليس في حماقاتهم المبدلة التي يسمونها ' التوراة ' ذكر اجر ولا ثواب لمحسن بعد الموت ولا عقاب لمسيء في الدنيا أصلا ولا في الكتب التي ينسبونها إلى أنبيائهم من هذا قليل ولا كثير . فلو نظر هذا المجنون فيما ينسبونه إلى سليمان عليه السلام في تصويبه دعاء امرأة دعت له فقالت : ولا زالت أرواح أعدائك يدور بها الفلك ؛ وهذا إبطال الثواب والعقاب إلا على معنى التناسخ ومضا [ د ] لما ذكروه عن غيره من الأنبياء إن هنالك نارا ونعيما ؛ ومثل ما ينسبونه إليه أيضا عليه السلام من أنه قال مرة : ' عن العالم لا أول له ' وأنه قال مرة أخرى : ' أنا كنت مع الله تعالى حين خلق الأرض والسماء ' . فلو أن هذا الجاهل الشقي اشتغل بمثل هذا وشبهه من كذبهم وافترائهم لكان أولى به من تكلف ما لا يحسن ولا يدري ، مما قد فضحه ( 3 ) الله فيه عاجلا ، ويخزيه [ 153 / أ ] آجلا ، والحمد لله رب العالمين .
19 - الفصل الخامس :
ثم ذكر هذا الزنديق الجاهل قول الله تعالى { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان } ( الرحمن : 39 ) قال : ثم قال في آية أخرى { فلنسألن الذي أرسل إليهم ولنسألن المرسلين } ( الأعراف : 6 ) قال : وهذا تناقض .
20 - قال أبو محمد : لو فهم هذا المائق الجاهل أدنى فهم لم يجعل هذا تعارضا ، أما قوله تعالى : { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان } فإن [ ما ] بعد هذه الآية متصلا بها قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان * يعرف
পৃষ্ঠা ৫০