الوجهين ( 1 ) وهو : الحسنات فضل من الله تعالى مجرد لم يستحقه أحد على الله تعالى إلا حتى يفضل به عز وجل من احسن إليه من عباده ، والوجه الثاني وهو السيئات تأديب من الله تعالى أوجبه على المصاب بها تقصيره عما يلزمه من واجبات ربه تعالى .
5 - ولا يستوحشن ( 2 ) مستوحش فيقول : كيف يكون النبي صلى الله عليه وسلم المخاطب بهذا الخطاب مقصرا في أداء واجب ربه تعالى فليعلم أن التقصير ليس يكون معصية في كل وقت ، وإنما يكون النبي عليه السلام منزها عن تعمد المعصية صغيرها وكبيرها . وأما تأدية شكر الله تعالى وجميع حقوقه على عباده فهذا ما لا يستوفيه ملك ولا نبي فكيف من دونهما ، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' إن أحدكم لا يدخل الجنة بعمله ' فقيل له : ولا أنت يا رسول الله فقال : ' ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ' ( 3 ) ، أو كما قال عليه السلام .
6 - فإنما أنكر الله تعالى على الكفار في الآية المتلوة آنفا قولهم للنبي عليه السلام : عن ما أصابهم من سيئة فهي منك يا محمد ، وأخبر عز وجل أنها من عند أنفسهم ، وأن كل ذلك من عند الله تعالى ؛ فلم يفرق المجنون بين ما أوجبه الله تعالى من أن كل من أصابته سيئة فمن نفسه ، وبين ما ذكر الله تعالى من قول الكفار لمحمد صلى الله عليه وسلم : إن ما أصابهم من سيئة فمنك يا محمد . فأي ظلم يكون اعظم من ظلم من جهل أن يفرق بين معنيي هذين اللفظين
7 - وإنما كان الكفار يتطيرون بمحمد صلى الله عليه وسلم عندما يرد عليهم من نكبة تعرض لهم ( 4 ) بكفرهم وخلافهم له عليه [ 149 ب ] السلام ، كما تطير إخوانهم قبلهم بموسى صلى الله عليه وسلم إذ قال تعالى حاكيا عنهم قولهم : { فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله } ( الأعراف : 131 ) . وما أرى هذا الزنديق الأنوك إذ ( 5 ) اعترض بهذا الاعتراض كان إلا سكران الخمر ، وسكر عجب الصغير إذا كبر
পৃষ্ঠা ৪৪