المانعة من ماله وأهله ، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل . فأظفرني القدر بنسخة رد فيها عليه رجل من المسلمين ، فانتسخت الفصول التي ذكرها ذلك الراد عن هذا الرذل الجاهل ، وبادرت إلى بطلان ظنونه الفاسدة بحول الله تعالى وقوته ؛ ولعمري عن اعتراضه الذي اعترض به ليدل على ضيق باعه في العلم ، وقلة اتساعه في الفهم على ما عهدناه عليه [ 148 ب ] قديما ، فإننا ندريه عاريا إلا من المخرقة ، سليما إلا من الكذب ، صفرا إلا من البهت ؛ وهذه عقوبة الله تعالى المعجلة لمن سلك مسلك هذا الزنديق اللعين مقدمة ، أما ما أعد الله له ولأمثاله من الخلود في نار جهنم [ فهو ] المقر لعيون أولياء الله عز وجل فيه وفي ضربائه ، وبالله تعالى التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
3 - الفصل الأول :
فكان أول ما اعترض به هذا الزنديق المستسر باليهودية ، على القرآن بزعمه أن ذكر [ قول ] لله عز وجل : { وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك } ( النساء : 78 ) قال هذا المائق ( 2 ) الجاهل : فأنكر في هذه الآية تقسيم القائلين بأن ما أصابهم من حسنة فمن الله وما أصابهم من سيئة فمن عند محمد ، وأخبر أن كل ذلك من عند الله ؛ قال : ثم قال في آخر هذه الآية : { ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك } ( النساء : 79 ) قال هذا الزنديق الجاهل : فعاد مصوبا لقولهم ومضادا لما قدم في أول الآية :
4 - قال أبو محمد بن حزم : لو كان لهذا الجاهل الوقاح أقل بسطة أو أدنى حظ من التمييز لم يتعرض بهذا الاعتراض الساقط الضعيف ، والآية المذكورة مكتفية بظاهرها عن تكلف تاويل ، مستغنية ببادي ألفاظها عن تطلب وجه لتأليفها ، ولكن جهله أعمى بصيرته وطمس إدراكه . وبيان ذلك أن الكفار يقولون : إن الحسنات الواصلة إليهم هي من عند الله عز وجل وان السيئات المصيبة لهم ( 3 ) في دنياهم هي من عند محمد صلى الله عليه وسلم ، فأكذبهم الله تعالى في ذلك ، وبين وجه ورود حسنات الدنيا وسيئاتها على كل من فيها بان الحسنات السارة هي من عند الله تعالى بفضله على الناس ، وان كل سيئة يصيب الله تعالى بها إنسانا في دنياه فمن [ 149 / أ ] قبل نفس المصاب بها بما يجني على نفسه من تقصيره فيما يلزمه من أداء حق الله تعالى الذي لا يقوم به أحد ، وكل ذلك من عند الله تعالى جملة ، فأحد
পৃষ্ঠা ৪৩