السماع منه؟ فجوابه قوله: (والقصد بروايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة) وهي سلسلة الإسناد بلفظ التحديث والإخبار (التي خصت بها هذه الأمة فإنه لم يكن ذلك في الأمم الماضية شرفا) خبر لـ "تبقى" على أنه فعل ناقص على قول أو مفعول له أو حال من الكرامة (لنبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم) تبقى أخباره على هذه الطريقة التي لا انقطاع فيها.
قلت: ولا يعزب عن ذهنك أن المصنف قد سرد في آخر بحث المرسل هذه الفائدة وزاد عليها فائدتين فتذكر (وكذا الاعتماد في روايتهم على الثقة المفيد لهم لا عليهم).
والحاصل أنه لما كان الغرض أولا معرفة التعديل والتجريح وتفاوت المقامات في الحفظ والإتقان ليتوصل بذلك إلى التصحيح والتحسين والتضعيف حصل التشديد بمجموع تلك الصفات، ولما كان الغرض آخرا هو الاقتصار في التحصيل على مجرد السلسلة السندية اكتفوا بما مر ذكره وتقريره (وهذا كله توصل من الحفاظ إلى حفظ الأسانيد، إذ ليسوا من شرط الصحيح إلا على وجه المتابعة، فلولا رخصة العلماء لما جازت الكتابة عنهم) لأنهم ليسوا على شرط من يكتب حديثه (ولا) جازت (الرواية إلا عن قوم منهم) انتهى كلام الحافظ البيهقي.
(قال زين الدين: وهذا هو الذي استقر عليه العمل، قال الذهبي في مقدمة كتابه " الميزان ": العمدة في زماننا ليس على الرواة بل على المحدثين والمفيدين الذين عرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين قال: ثم من المعلوم أنه لا بد من صون المروي وستره) أي صائنا لعرضه ساترا لنفسه عن الأدناس وما يعيبه عليه الأكياس من الناس، كذا فسره البقاعي
1 / 12