الحيوان والجماد، ويزعمون أن من وصل إلى ذلك شهد الكل في الكل، فهم قوم يقولون : (الله) ، والله عندهم هو الوجود الساري ، الذي هو ضد العدم الذي سرى في كل شيء ، فوجدت - على ما يزعمونه - أن إلههم الذي هو الوجود سار في الكلاب، والخنازير ، والفئران، والخنافس، تعالى الله البائن بذاته وصفاته، عن جميع مخلوقاته، أن يكون بهذه المثابة، فإنهم لا يقولون وجودا قديما، ووجودا حادثا، بل الوجود عندهم وجود واحد ، سار في كل شيء ، والعبد عندهم لا وجود له ، إنما الوجود الذي هو الحق ، والحق هو الوجود فيه ، والعبد كالمظهر له ظهر الوجود بواسطته، إذ لولاه لم يظهر الوجود، ولولا الوجود لم يظهر هو. وحقيقة معتقدهم أن الباري - تعالى - ليس شيئا منفصلا عن الخلق فوق العرش بل عندهم الحق شيء ظهر في السماوات والأرض، وفي كل شيء ظهر فيه بذاته.
هو مطلق تقيد في هذا، وفي هذا، والمجموع شيء واحد، فالوجود الذي قام بالإنسان، والكلب، والنبي، والملك، والسلطان هو وجود واحد عندهم، وهو الحق تعالى ، ليس الحق شيئا زائدا على مطلق الوجود.
هو بعينه الوجود المطلق ، الذي تقيد بالإنسان والحيوان ، والنبات والجماد والكلاب والحمير، والبقر والذباب، والحيات والعقارب، فمثاله عندهم كالحرارة المطلقة، التي تقيدت بالأشياء الحارة في كل حار، على اختلاف أجناسها وأشكالها وأنواعها ، هذا حار ، وهذا حار ، فالحرارة شيء واحد ، مطلقة فتقيدت بعين هذا الحار وكذلك عندهم الحق تعالى ، وحدة مطلقة تقيدت الوحدة بهذا الموجود وبهذا الموجود رفيعا - كان - أو خسيسا.
فلما رأيتهم بهذه المثابة نفر قلبي منهم نفورا شديدا، ولم أكن أقدر على تفصيل معتقدهم، لكني أسمع شيئا أكرهه ولا أحبه بفطرتي، فإني وجدتهم منحلين في باب الحلال والحرام والحدود، وربما قيل لي عن رجل منهم: إنه يبقى جنبا أياما، وربما صلى بنا إماما.
وإذا قصدوا ملكا أو صاحب ولاية، يخاطبونه ويتضرعون إليه كما يتضرعون
পৃষ্ঠা ৪৪