ولكن هذه الشخصية القوية العنيفة التي صدر عنها ذلك الأدب الغزير، واختلجت جوانح صاحبها بأشتات الخواطر والمعاني في جميع فروع المعرفة، وأقسام الفلسفة، لا تزال موضعا للدرس، ومجالا للبحث، وهذه محاولة جديدة لفهم الكيان النفسي لأبي العلاء، وإدراك العوامل المؤثرة في حياته وتوجيهها، وتقدير شخصيته العامة على أساس من الواقع الجسمي والنفسي للرجل دون إسراف في الفروض، ولا ذهاب في الاعتبارات الادعائية إلى حد بعيد ... وكأنما اطلع أبو العلاء بظهر الغيب إلى هذه المحاولة الجديدة في فهمه يوم قال:
يكررني ليفهمني رجال
كما كررت معنى مستعادا
سقط الزند 1: 158
وإذ قد ولع المحدثون بوصف الرجل بالفلسفة، ودعوه الشاعر الفيلسوف، وحكيم الشعراء، وشاعر الحكماء، وإمام الحكماء وأشباه ذلك، فإنا ندير القول على أساس من التقسيم الفلسفي فنتحدث عن:
مسألة المعرفة عند أبي العلاء
وهو في سعة من القول، وفكاك من قيود النظم. يقول في الفصول والغايات:
7 «يدرك العلم بثلاثة أشياء: بالقياس الثابت، والعيان المدرك، والخبر المتواتر.» كما يقول: «العقل نبيء، والخاطر خبيء، والنظر ربيء، ونور الله لهذه الثلاثة معين.»
8
فالمعرفة عنده ممكنة وسبيلها العقل، والمشاهدة، والخبر، وهو يؤيد ذلك في شعره ويكرره، إذ يقول:
অজানা পৃষ্ঠা