ينتهض بمثله حجة على التعميم١، واحتجوا بإذنه ﷺ بالصلاة في مرابض الغنم وبإذنه بشرب أبوال الإبل وهما صحيحان ولاحكم للمعارضة بنهيه ﷺ عن الصلاة في معاطن الإبل لأن النهي معلل بأنها ربما تؤذي المصلِّي فلا يستلزم ذلك عدم طهارة أزبالها وأبوالها كما أن تعليل الصلاة في مرابض الغنم بأنها بركة لا يستلزم أن الصلاة إنما كانت لأجل كونها بركة فإن مثل ذلك لا يُسوِّغ مباشرة ما ليس بطاهر. .
فالحق الحقيق بالقبول الحكم بنجاسة ما ثبتت نجاسته بالضرورة الدينية وهو بول الآدمي وغائطه، وأما ما عداهما فإن ورد فيه ما يدل على نجاسته كالروثة وجب الحكم بذلك من دون إلحاق وإن لم يرد فالبراءة الأصلية كافية في نفي التعبد بكون الشيء نجسًا من دون دليل فإن الأصل في جميع الأشياء الطهارة والحكم بنجاستها حكم تكليفي تعم به البلوى، ولا يحل إلا بعد قيام الحجة قال الماتن رحمه الله تعالى: ولا يخفى عليك أن الأصل في كل شيء أنه ظاهر لأن القول بنجاسته يستلزم تعبد العباد بحكم من الأحكام والأصل عدم ذلك والبراءة قاضية بأنه لا تكليف بالمحتمل حتى يثبت ثبوتًا ينقل عن ذلك وليس من أثبت الأحكام المنسوبة إلى الشرع بدون دليل بأقل إثمًا ممن أبطل ما قد ثبت دليله من الأحكام فالكل إما من التقول على الله تعالى بما لم يقل أو من إبطال ما قد شرعه لعباده بلا حجة "إلا الذكر الرضيع" لحديث:" يُغسل من بول الجارية ويُرش من بول الغلام" أخرجه أبو داود رحمه الله تعالى والنسائي رحمه الله تعالى وابن ماجه والبزار وابن خزيمة من حديث أبي السمح خادم رسول الله ﷺ وصححه الحاكم وأخرج أحمد والترمذي وحسنه من حديث علي ﵁ أن النبي ﷺ قال: "بول الغلام الرضيع يُنضح وبول الجارية يُغسل" وأخرجه أيضا ابن ماجه وأبو داود بإسناد صحيح عن علي موقوفًا، وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خريمة وابن حبان والطبراني من حديث أم الفضل لُبابة بنت الحارث قالت: بال الحسين بن علي في حِجر النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله أعطني ثوبك والبس ثوبًا غيره حتى أغسله فقال: "إنما يُنضح من بول الذكر ويُغسل
_________
١ هو حديث رواه الدارقطني والبزار والبيهقي وغيرهم ولفظه: "إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدم والقيء" قال الدارقطني لم يروه غير ثابت بن حماد وهو ضعيف جدًّا. وقال البيهقي هذا باطل لا أصل له ثابت متهم بالوضع. انظر شرحنا على التحقيق في المسألة رقم ٢٣.
1 / 14