وتلامذته إلى التدوين، وكتابة الحديث، خوفا عليه من الضياع والاضطراب.
هذه ظاهرة أولى على ملامح هذا العصر.
والظاهرة الثانية من ملامح هذا العصر: أن حاجات المسلمين توسعت في هذا الوقت، وازدحم الناس على أبواب الفقهاء يطلبون منهم الرأي فيما تجدد عليهم: من وجوه الحاجات الجديدة، ولم يكن ما بيد (فقهاء السنة) ومحدثيها من الحديث يكفي لسد هذه الحاجة، ولم يجدوا في الكتاب الكريم جوابا على ذلك، ولم يكن الجهاز القائم بالحكم يمسح لهم بمراجعة (أئمة أهل البيت) عليهم السلام الذين اعتبرهم صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله عدلا للكتاب في حديث الثقلين المعروف.
فاضطروا إلى اتخاذ القياس والاستحسان، والأخذ بالظن والرأي.
يقول الدكتور محمد يوسف موسى:
بعد أن لحق الرسول صلى الله عليه وآله بالرفيق الأعلى، وحدث من الوقائع والأحداث ما لم تشتمل نصوص القرآن والسنة على أحكامه كان لا بد من الوصول إلى هذه الأحكام بطريق آخر، فكان من ذلك هذان الأصلان: (الإجماع، والقياس) (1).
والقياس والاستحسان - مهما قيل فيهما - معرضان للانحراف والزلل فوقف (الإمام الصادق) عليه السلام حين رأى شيوع الأخذ بالقياس والرأي موقف المعارض منهما، ودعى أصحابه إلى عدم الأخذ بهما وعارض المذاهب الفقهية التي كانت تأخذ بالقياس أشد المعارضة.
قال ابن تغلب: قلت (لأبي عبد الله) عليه السلام: ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها.
.
পৃষ্ঠা ৩৮