============================================================
يوم وليلة بان حسين ابن جعفر الحسيني يجيء مع مفرج ابن دغفل اولاده ويكبسون القاهرة، وكان المولى جل ذكره يركب كل يوم وليلة، ويخرج العتمة من القاهرة، ويدخل صحراء الجب ناحية الجبل موضعا يزعمون العالم بان مفرج ابن جراح يجيء من ذلك الموضع؛ ولم يرجع الحسيني إلى مكة حتى وقعت العداوة بينه وبين ابن جراح، واراد ابن جراح ان يقتله، ثم هلك بعد ذلك مفرج ابن دغفل ابن جراح، وملوك أرض كاقة قد عجزوا عن هذا. ثم ان عجيب البرهان، وعظيم القدر والسلطان، انكم ترون من آمور تحدث بما شاهدتموها من المولى سبحان ما لا يجوز ان تكون من أفعال أحد من البشر، لا ناطق ولا أساس ولا امام ولا حجة، فلم تزدادوا بذلك إلا عمى وقلة بصيرة، وذلك ان اشمس حارة يابسة بالطبع لا بالتكليف، وهي من الجمادات التي لا عقل لها ولا تمييز، ومن طبعها تجفيف الأشياء وتغيير الألوان. ومن رسوم امولانا جل ذكره الركوب في الهاجرة والمسير في الرمضاء وفي الشتاء ، اذا كان يوم ريح جنوب صعب وغبار عظيم، يتأذون الناس في بيوتهم من ذلك الريح والغبار؛ ثم يركب المولى سبحانه في ظاهر الآمر إلى صحراء الجب، ويرجع وما في الموكب أحد إلا وقد دمعت عيناه من الغبار والريح، وكلت ألسنتهم عن النطق الفصيح، ونالهم من المشقة والتعب ما لا يقدر عليه أحد، ومولانا سبحانه على حالته التي خرج بها من الحرم المقدس؛ ولم يره أحد قط في وقت الهاجرة الهائلة، والسموم القاتلة، قد اسود له وجه في ظاهر الأمر، ولا لحقه شيء من تعب، ولا يقدر أحد منهم يقول بانه قد لحقه شيء من ذلك، بل ان وجوههم سود، وتجف منهم الألسن، وتكاد نفوسهم تبلغ التراق من شدة التعب والنصب، ولا يقدر أحد منهم يقول بانه شرب ماء ولا اكل طعاما ولا
পৃষ্ঠা ৫৬৭