রহমান ও শয়তান
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
জনগুলি
4
وتلكم هو: إله الكون، القدوس الأكبر، سيخرج من مقره وسيمشي على جبل سيناء، ويظهر في معسكره منبثقا من السماء بكامل قدرته. يحل الخوف على الجميع والساهرون (حرفيا: الحراس اليقظون، وهم الملائكة الساقطون) يرتجفون، تأخذهم الرعدة إلى أقاصي الأرض. تتزعزع الجبال والمرتفعات وتتهاوى، والتلال العالية تذوب مثل أقراص العسل أمام اللهب. الأرض تتمزق وتفغر شقوقها وكل ما عليها يفنى، وتحل الدينونة ويأتي حساب الجميع، لكنه سيحل سكينته على الأبرار ويحفظ المختارين ويسبغ نعمته عليهم ... سيأتي بصحبة عشرة ملايين من أبناء القدس «الملائكة» لينفذ أحكامه على الكل، فيهلك الأشرار، ويخزي كل جسد، بما فعلوه وبكل ما اقترف الخطأة والفجرة بحقه.» يلي ذلك موعظة يدعو فيها أخنوخ الإنسان إلى التأمل في مظاهر الكون ومجريات الطبيعة، التي تشير كلها إلى خالقها وتسير وفق النظام الموضوع لها، وذلك على عكس الإنسان الذي خرج على مشيئة ربه وما أراده له وتبع أهواءه ورغباته، ثم يخلص من ذلك إلى الكشف عن أصل الشر ويروي قصة الملائكة العصاة الذين هبطوا من السماء وتحولوا إلى شياطين.
تعطف هذه القصة على قصة أبناء الله الذين دخلوا على بنات الناس وأنجبوا منهن أولادا مما يرويه سفر التكوين: «وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات، أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا ... وبعد ذلك أيضا إذ دخل بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولادا، هؤلاء هم الجبابرة الذين منهم منذ الدهر ذوو اسم. ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر على الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم» 6: 1-5. يفسر كاتب السفر هذه القصة فيجد فيها تعليلا لوجود الشر في العالم، ثم يعيد روايتها على الطريقة الآتية: «في تلك الأيام، عندما تكاثر بنو الإنسان وولد لهم بنات حسنات وجميلات، حدث أن فريقا من الملائكة، أبناء السماء قد رأوهن فاشتهوهن. فقال بعضهم لبعض: هلم بنا نختار لأنفسنا زوجات من بين بني الإنسان وننجب منهن نسلا. ولكن رئيسهم المدعو سيمياز
semyaz «أفضى بمخاوفه وحدثهم» فقال: أخشى أن تتراجعوا عن فعل هذا الأمر «بعد الشروع به» وأدفع وحدي ثمن هذه الخطيئة العظيمة. فأجابوه جميعا: دعونا نقسم قسما ولتحل اللعنة على كل من يتراجع عن فعل هذا الأمر. فأقسموا جميعا وارتبطوا بقسم اللعنة هذا، ثم هبطوا في موضع يدعى عردوس، وهو قمة جبل حرمون، وكان عددهم مئتين. وسمي الجبل حرمون نسبة إلى قسمهم الذي ربطهم باللعن.
5
وهذه أسماء رؤسائهم: سيمياز، راميئيل، تامئيل، دانتيل ... (إلخ). هؤلاء هم رؤساء العشرات، وكان الجميع تحت إمرتهم.»
6
ويتابع الكاتب فيقول لنا بأن هؤلاء الرؤساء وتابعيهم، قد اتخذوا لأنفسهم زوجات من بين الناس، فولدت الزوجات لهم عمالقة طول الواحد منهم: ثلاثمائة ذراع. وعلم الملائكة الساقطون البشر كيفية استخراج المعادن واستخدامها في صناعة السيوف والتروس والدروع، وكيفية صناعة الأساور والحلي وكحل العيون وأدوات الزينة، وكذلك الإفادة من النباتات، والتنجيم، وإشارات السماء والأرض، ولكن شر العمالقة كثر على الأرض وأكلوا الأخضر واليابس، وعندما لم يبق ما يكفي لطعامهم راحوا يلتهمون البشر أيضا. فصعد صراخ البشر إلى السماوات، عند ذلك نظر الملائكة ميخائيل وسورافيل وجبرائيل من الأعالي، ورأوا ما يجري على الأرض من شر وعنف، فمضوا إلى الرب وأطلعوه على الأمر. بعث الرب مع الملائكة إلى أخنوخ يأمره أن يذهب إلى الساقطين وينقل لهم قضاء السماء بشأنهم، فهم سيشهدون ذبح أولادهم العمالقة، وبعد ذلك سيقيدون في ثنايا الأرض لسبعين جيلا حتى يوم الدينونة، عندها سيقادون إلى هوة النار وإلى العذاب الأبدي. سمع الساقطون حكم الرب عليهم فارتاعوا وطلبوا من أخنوخ أن يشفع لهم عنده فيقبل استرحامهم واستغفارهم، فمضى أخنوخ وجلس عند ضفة النهر حيث قرأ استرحام الساقطين، وكرر ذلك حتى وقع عليه سبات، وهنا تبدأ رؤيا أخنوخ التي يصفها في المقطع الآتي: «دعتني رياح وناداني غمام، وهرعت بي بروق ومسارات نجوم، وحملتني في الرؤيا رياح وطارت بي نحو السماء، ارتفعت حتى اقتربت من جدار مصنوع من الكريستال وتحيط به ألسنة اللهب، تملكني الخوف، ولكني تقدمت حتى اجتزت ألسنة اللهب ووصلت قصرا عظيما مبنيا من حبات برد كريستالية، كانت جدرانه وأرضياته كشبه أرض مبلطة بالكريستال، أما سقفه فكان من بروق ومن مسارات النجوم، وبينها ملائكة الكروبيم النارية، والسماء من خلف ذلك بنقاوة الماء. وكانت نار تتوقد حول الجدران والبوابات وتتوهج، ولجت القصر فكان ساخنا مثل النار وباردا مثل الثلج، ولا أثر لحياة فيه ... فغمرني الخوف وأخذتني الرجفة ووقعت على وجهي، ورأيت رؤيا ثانية.» «كان هنالك قصر آخر أعظم من الأول تجل مهابته عن الوصف، قصر من جمر أرضه وسقفه من نار فوقها البروق ومسارات النجوم، كانت بواباته مفتوحة أمامي فنظرت ورأيت عرشا مرتفعا له مظهر الكريستال وعجلاته تبدو مثل قرص الشمس آنا ومثل ملائكة الكروبيم آنا آخر. ومن تحت العرش تخرج أنهار من نار متقدة لم أستطع إدامة النظر إليها. هناك يجلس المجد الأعظم. عباءته أكثر بريقا من الشمس وأكثر نصوعا من الثلج، لا تستطيع الملائكة دخولا أو دنوا من مجده وعظمته، ولا يستطيع كائن من لحم ودم رفع البصر إليه. نار من أمامه ومن خلفه فلا يقدر أحد منه اقترابا. في حضرته مئات الآلاف من الملائكة وأكثرهم قداسة يقفون أمامه في كل آن، ولكنه لا يحتاج إلى مشير.» «كنت ساجدا طيلة الوقت أرتعد، ثم كلمني الرب بصوته قائلا: تقدم يا أخنوخ واسمع كلامي، فجاء أحد الملائكة المقدسين فرفعني وسار بي حتى دنوت من البوابة وأنا مطرق الرأس. هناك كلمني ثانية وقال: لا تخف يا أخنوخ أيها الرجل الطيب يا كاتب الصدق، تقدم إلي واسمع صوتي، اذهب إلى ساهري السماء
7
الذين أرسلوك لتسترحم من أجلهم، وقل لهم قد كان أحرى بكم أن تسترحموا من أجل الإنسان لا أن يسترحم الإنسان من أجلكم، وقل لهم لماذا توليتم عن السماء العليا المقدسة لتناموا مع النساء وتتدنسوا ببنات الناس، وتأخذوهن لكم زوجات مثل بني البشر وتنجبوا منهن أولادا عمالقة. كنتم قديسين وروحانيين وخالدين، ولكنكم تدنستم بدم النساء وأنجبتم أولادا من لحم ودم، ومثل الذين يموتون ويفنون صار لكم توق لجسد اللحم والدم. لقد أعطيت أولئك نساء يخصبونهن وينجبون منهن أولادا لكيلا يفنى جنسهم على الأرض، أما أنتم فكنتم روحانيين وخالدين على مر أجيال الأرض، فلم أعطكم زوجات لأن السماء مسكنكم. والآن فإن العمالقة «أولادكم»، نسل الروح والجسد، سيدعون أرواحا شريرة، لأن أرواحا خبيثة سوف تصدر عن أجسادهم «المذبوحة» ويكون في الأرض مسكنها، لأنهم ولدوا من نساء الأرض ومن الساهرين المقدسين. لن يأكلوا ولن يشربوا رغم أنهم يجوعون ويعطشون، سوف يسببون الأذى والعنف والدمار على الأرض ويدفعون الناس إلى الخطيئة وإلى المعصية، ويقومون ضد أبناء الناس وضد النساء لأنهم منهن قد أتوا. عندما يهلك العمالقة سوف تعيث الأرواح الخارجة منهم فسادا «وترتع» بلا رادع إلى يوم الحساب الأخير، يوم يهلك الساهرون الساقطون. فقل «يا أخنوخ» للساهرين الذين تسترحم من أجلهم: لقد كنتم من سكان السماء، وقد كشفت لكم بعض أسرارها، ولكنكم بقساوة قلوبكم نقلتم الأسرار إلى النساء، وبفضلها صنع النساء والرجال مزيدا من الشرور. وقل لهم: لن يكون سلام أبدا.»
অজানা পৃষ্ঠা