وما ذهب إليه مالك من التخيير، فإن أراد به إباحة كلا الأمرين، فخارج عن محل النزاع؛ لأن النزاع، إنما هو في الاستحباب، ولا خلاف لأحد في جواز كلا الأمرين، وإن أراد به التخيير في الاستحباب، فغير مقبول، لما ذكرنا.
هذا ما حضر عندي في ترجيح مذهب الحنفية من المذاهب الثلاثة في هذا المقام.
وقال الحافظ بدر الدين العيني(1) في ((شرح الهداية)): أحاديث السل غير صحيحة، ولئن سلمنا فالجواب عنها من وجوه:
الأول: أن ما رواه الخصم، إما فعل الصحابة، أو قوله.
وما رويناه فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والثاني: في أنه يحتمل أن يكون ما رواه فعل خوفا من رخوة الأرض.
والثالث: أنه لم يكن من جهة القبلة ما يسع فيه جنازة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. انتهى كلامه(2).
قلت: العجب عنه أنه مع جلالة قدره، واستنكافه عن تبعية شراح ((الهداية)) الذين مضوا قبله، قد تبعهم في هذا المقام، ولم ينظر ما في هذه الوجوه من السخافة.
أما الأول: فلثبوت السل عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رواية ابن ماجه(3).
পৃষ্ঠা ২৮