وزعمتم أنه يرى أفاعيل العباد وأعمالهم، وهو شاهد عليهم، وليس فيه الذي وصفتم بأنه يرى أفاعيل العباد! فإن كان يرى أفاعيلكم فليس له أن يتولاكم، ولا يأخذ منكم شيئا من عرض الدنيا، وإن كان لا يرى منكم ما وصفتم فيه فقد كفرتم وعبدتموه من دون الله، وهل هذه إلا صفة رب العالمين ؟! أيرى ما غاب عنه، ويسمع من غير أن يسمع، وأن يعلم ما في قلوبكم من غير أن يخبر ؟! فتعالى الله رب العالمين، عما يقولون علوا كبيرا، ما أعظم افترآءكم على الله إذ شاركتم في فعله أحدا من خلقه، وكيف يكون ذلك كما زعمتم ؟! وهو يقول :{عالم الغيب والشهادة} ثم قال :{فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا} [الجن: 27]. يعني سبحانه: بالوحي. لقوله :{يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا} [الجن: 27]. فقد أخبر بأن لا يعلم الغيب إلا الله ومن ارتضى من رسول، يوحي إليه بخبر ما يريد، فإذا مضى رسول الله انقطع الخبر والوحي، وحجب عن الخلق أمر الوحي، وعلم الحادثات سوى علم ما جاءت به الأنبياء، وبعلم الأنبياء يشهدون، فكيف يعلم أحد الغيب من غير وحي الله جل جلاله ؟ عن أن يحويه قول أو يناله.
فإن زعمتم أن في الأرض اليوم من يوحى إليه، فقد زعمتم أنه نبي، لأنه لا يكون الوحي إلا إلى النبي، وإنما سمي نبيئا لأنه نبأ عن الله، فمن أنبأ عن الله فهو نبي، فويلكم متى آمنتم بالله وقد كذبتم كتاب الله ؟! لقوله :{خاتم النبيئين} [الأحزاب:40]. فكيف يكون محمد خاتم النبيئين، وقد نصبتم الأنبياء من بعده ؟!
ويقال للروافض : أخبرونا عن أعراب البادية والمستضعفين، والذين لا يعلمون لصاحبكم اسما ولا نسبا هل لصاحبكم عليهم حجة ؟
فإن قالوا : نعم .
يقال لهم : هل بلغتهم منه الحجة، فيكون حجة عليهم ؟ .
ويقال للروافض : هل لصاحبكم أن يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويكون تابعا لرسول الله عليه السلام لا مخالفا له ؟
পৃষ্ঠা ৪১৭