ومما يسألون عنه يقال لهم: أخبرونا عن قول موسى عليه السلام للخضر: {لو شئت لاتخذت عليه أجرا} [الكهف: 77]، أتقولون: إنه قال: لو شئت وهو لا مشيئة له؛ فتخطئون موسى عليه السلام؟ أم تقولون: إنه لم يقل إلا الحق، وأن الخضر قد كان يقدر أن يفعل؟ فإن قالوا: لا مشيئة له ولا استطاعة؛ خطؤا نبي الله وجهلوه. وإن قالوا: قد كانت له مشيئة واستطاعة؛ تركوا قولهم، ورجعوا إلى الحق.
***
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله عز وجل: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا} [النساء: 60]، أفتزعمون أنهم أرادوا أن يتحاكموا إلى الطاغوت، أم الله أراد ذلك وقضى به عليهم؟ فإن قالوا: إن الله أراد ذلك وقضى به عليهم؛ ردوا كتاب الله وخالفوه؛ لأن الله سبحانه قد نسب ذلك إليهم، وذكر أنهم (الذين) (1) أرادوا ذلك، والمجبرة القدرية يزعمون أن الله أراد منهم أن يتحاكموا إلى الطاغوت دونه ودون رسوله(2) صلى الله عليه وعلى آله. وإن قالوا: بل هم أرادوا ذلك، والله لم يرده؛ خرجوا من الباطل ورجعوا إلى الحق، وقالوا على الله بالصدق. فيقال لهم: قد نسمع الله سبحانه يقول ويذكر أن الشيطان هو الذي أراد أن يضلهم ضلالا بعيدا. والمجبرة تزعم(3) أن الله أضلهم، والله أولى بالصدق منهم، والله سبحانه أصدق الصادقين، وأبعد الأبعدين من إضلال الضآلين، والمجبرة والقدرية فأكذب الكاذبين(4). على الله رب العالمين.
***
পৃষ্ঠা ৫৩৮