ومما يسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله تعالى: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم} [محمد: 25]، أفتقولون: إن الشيطان بريء من ذلك، وإنه لم يسول لهم منه شيئا؟ فإن قالوا: نعم؛ فقد كذبوا الله، وخرجوا بذلك من الدين. وإن قالوا: بل هو كما قال الله سبحانه (من الشيطان) (1) لا من الرحمن؛ فقد صدقوا، ورجعوا إلى الحق، وقالوا بالعدل، وأقروا بأن الإرتداد من المرتدين بتسويل من الشيطان لهم، لا بقضاء الله بذلك عليهم؛ لأن الله لا يقضي بالإرتداد، ولا غير ما أمر به من اتباع دينه، والإئتمار بأمره والانتهاء عن نهيه.
***
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [آل عمران: 165]، أتزعمون أنه من عند أنفسهم كما قال الله؟ أم هو قضاء من عند الله قضاه(2) عليهم؟ فإن قالوا: إن ذلك من أنفسهم؛ قالوا بالحق، وتعلقوا بالصدق. وإن قالوا: هو من عند الله، وهو قضاؤه. قيل لهم: أفقولكم(3) أصدق، أم قول الله سبحانه؟ فإن قالوا: قول الله سبحانه؛ صدقوا وأسلموا. وإن قالوا: قولنا كفروا؛ لأن المصيبة لم تكن إلا بمخالفتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أمرهم أن(4) لا يبرحوا من باب الشعب فخالفوا ورجعوا، فوجد الكافرون السبيل إلى دخول الشعب فدخلوا؛ فأصابوا ما أصابوا، ووقعت المصيبة، فكانت منهم بمخالفتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وزوالهم من مواقفهم التي أوقفهم لانتظار أمره.
***
পৃষ্ঠা ৫৪৯