وقد وجدنا الله سبحانه ذكر في توراته التي أنزلها على موسى بن عمران تبليغ من بعثه من أنبيائه بوحيه؛ من نوح وإبراهيم وغيرهما، وأثنى عليهم بذلك، وحض موسى(1)، صلوات الله عليه على الإقتداء بهم والإيثار لما آثروا من الطاعة لربهم، ثم قص قصة موسى صلى الله عليه، وذكر فضله، [وتبليغه](2) وصبره واجتهاده وفعله، في الإنجيل الذي انزل على عبده المسيح، المطهر من كل قبيح، صلوات الله عليه. ثم قص قصة عيسى على محمد، وذكر له من قصته واجتهاده وتبليغه وتبليغ غيره من الرسل؛ فقال: {وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} [الصف: 6]، فصدق بما جاء به موسى، وبشر بما أمر بالتبشير به من البشير النذير، الرؤوف بالمؤمنين الرحيم، محمد الرسول الكريم. ثم ذكر لنا في كتابه أن رسوله قد بلغ وأنذر، وأخبر أنه قد أدى كل ما يجب عليه؛ فقال: {ما على الرسول إلا البلاغ المبين}[المائدة: 99]، وقال: {فتول عنهم فما أنت بملوم} [الذاريات: 54]، ولو كان منه صلى الله عليه وآله غير الاجتهاد لم يقل سبحانه: {فما أنت بملوم} فقد برأه الله من كل دنس ولوم.
فقد بطلت حجة من أراد الطعن على الأنبياء المهتدين، المؤدين لأمر الله الخانعين(3)، بما قال عنهم وذكر فيهم رب السموات والأرضين. والحمدلله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وسلام على المرسلين. تمت المسألة.
المسألة الثانية: عن إبليس
من أخطر المعصية على باله؟ ومن أين علم ما علم عن آدم وذريته؟
পৃষ্ঠা ২৮২